" في هذه السلسلة لن أتناول سيرة الفنان من حيث متى ولد ومتى مات وماذا قدم، بل سأتناول سيرة السينما في مشاهد قدمها هذا الفنان "
..
حسن البارودي
إنه ذلك الوجة الذي يحمل تقاسيم الدنيا، ومرآة الحياة وذلك الصوت (الدحلاب) الساحر الذي يخدر الأعصاب والأرواح فتجد النفس نفسها منساقة خلفه لاإراديا، فتنصت لما يقوله، وتطيع ما يأمر به.
..
هو عم
مدبولي في باب الحديد.
والذي قدم فيه دور رائع جداً من أدواره، وقدم في نهاية الفيلم مشهد رائع جداً مع يوسف شاهين.
قناوي،قناوي
يا أبني،رد عليا أنا أبوك مدبولي،أنت زعلان لية؟!
دا أنا
هأجوزك هنومة والمهر جايبهولك معايا في جيبي أهه!
يالله،
يالله يا حبيبي دخل إيديك جوة الأكمام!
يا
عريس!
..
هو مسيحة
أفندي في الحرام.
عندما
يدخل على إبنته وهو مليئ بالشك أنها صاحبة ذلك الطفل الذي وجدوه مقتول، فيدخل
عليها ليطمئن وملامحه تحمل شئ أخر
ثم يبدأ
بتحسس بطنها وهو يسألها: هنا؟ وتجيب لا!
طيب
هنا؟
- لا
فوق شوية!
ثم وكمن
إكتشف السر يقول هممممم!
ثم يخرج
ليمارس دحلبته على أخيه العبيط (عبد السلام محمد) ليعرف
منه ما يخفى عنه، وما يخفى عنا جميعا ولا يعلمه كاملا إلا العُبط!
ما علهش
حقك عليا!
ما
سمعتش حاجة كدة ولا كدة؟!
-أمال!
صفوت إبن الناظر!
-صفوت؟!
ماله؟!
-بيصتاد
يمام، راح ضارب اليمامة طرخ راح منزلها ساكتة، وأنا قلت له حرام!
-أيوة
أيوة(في دحلبة) إنما يعني صفوت دة ما بيجيش يمة بيتنا؟
-(في
براءة)بيجي!
-(في
دحلبة)بيجي لية؟
-(في
حماسة)عشان يصتاد يمام!
إنما
انت عايز الجد
-( في
دحلبة)ها
-(في
حيرة)الفرخة دي دوختني خالص!
-( في
ضيق)فرخة إية يا ولة!
-(في
حيرة) كل يوم أقيسها ألاقي عليها البيضة،وبعدين ما بتبيضش أبداً!
بيقولوا
في بيضة دهب وانا خفت ادبحها!
-(في
نفاد صبر) يا واد انت خليك معايا بلا فرخة بلا هباب!
(رجوع
للدحلبة) ما سمعتش حاجة عن ليندا(إبنته)؟
-(في
تلقائية) ليندا خلفت!
-(في
فزع وهو يمسك بياقة جلبابه) أه؟!
خلفت؟!
-(وهو
مبتهج) خلفت ولد!
سمته
عبدالصمد!
-(وهو
يشوطه بيديه) جاتك البله!
اتفضل
امضي يا حضرة الناظر(زكي رستم) عشان نقبض الانفار
-(في
دحلبة) يعني النيابة ما جتش يا حضرة الناظر؟
-انت
شاغل نفسك أوي بالحكاية دي يا مسيح أفندي!
-(في
تعجب مخلوط بالدحلبة) شاغل نفسي!
أمال!
ولية
قتلت لازم تاخد جزاءها!
-(في
تعجب) قاتلة إية يا راجل حرام عليك!
دي ولية
واقعة في مصيبة، مش كفاية إبنها راح فطيس!
-( في
زكاوة) أهي دي برضة ألعن!
إزاي
واحدة تقتل إبنها؟!
-(في
لوم) خليك محضر خير يا مسيح أفندي!
-(في
خبث) والله أنا خايف علييييك(مط في كلمة عليك!)، دي مسئولية كبيرة قدام النيابة
والباشا في مصر!
-والباشا
في مصر دخله إية في الحكاية دي؟
-(في
لهجة ذات مغزى) مش الولية بتصرف يوميتها وما بتشتغلشي!
وتنتهي القصة باكتشاف صاحبة المولود القتيل، إنها عزيزة "فاتن حمامة" زوجة "عبد الله" عامل الترحيلة المريض، الذي اشتاق لجدر بطاطا، فدفعت زوجته ثمنه نفسها، لتقضي له نفسه!
وكله ده عشان جدر بطاطا!
..
حتى إذا
ما انتقلنا إلى الزوجة الثانية، فسيزداد افتنانا بذلك الفنان المبدع الرائع.
هو مبروك العطار، الذي لم يكن مجرد عطار، بل هو فقيه العمدة ومهندسه الإستراتيجي في التخطيط والتنفيذ لما يحقق رغبات العمدة.
يحوي الفيلم –وهو
تحفة فنية بكل ممثليه وطاقمه- العديد من المشاهد العبقرية لحسن البارودي.
فقد كان هو المشرف والمصدر لوصفات "الحبل" الخاصة بحفيظة "سناء جميل" لتنجب للعمدة الولد الذي يحمل اسمه ويرث فدادينهم الخمسمئة.
وعندما فشلت كل الوصفات، لم يكن هناك إلا وصفة وصفة أخيرة، وهي تزويج العمدة من امرأة أخرى تنجب له الوريث. وقد كانت هذه الأخرى هي فاطمة "سعادة حسني" زوجة أبو العلا "شكري سرحان" فهي امرأة ولادة فلن يشك في عقرها، وهي كذلك مصدر "حرقة ونار" للعمدة بجمالها الفتان الذي طالما اشتهى نهشه.
وقد كان لابد أن يكون لهذه العملية مهندس استراتيجي، وقد كان مبروك العطار.
هنا تظهر عبقرية حسن البارودي في العديد والعديد من المشاهد، مثل مشهد المأذون عندما يسمعه بالصوت العالي: أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر!
والعمدة طبعاً هو أولي الأمر!
وكذلك أداؤه العبقري مع
أبو العلا "شكري سرحان" - وكذلك أداء شكري سرحان، وعبقرية الإخراج
ومهندس الإضاءة ومدير التصوير- في مشهد اقناعه بتطليق زوجته ليتزوجها العمدة، عن
طريق ترهيبه، بجبروت العمدة وما يقدر على فعله فيه، وترغيبه، بالنعيم الذي سيعيش
فيه هو وأولاده.
..
الحديث عن حسن البارودي، سواء أكان عن أفلامه أو مسرحياته، يحتاح لعشرات الكتب، وكذلك لدارسي تاريخ السينما والمسرح والمتعمقين في هذا المجال.
أنا هنا فقط عرضت لمحة بسيطة عن ممثل قدير أعشق أداءه.
.