الموضوع يستحق دراسة كاملة الأركان لعرضه بشكل واضح يتناول جميع جوانبه، وأنا هنا فقط أعرض نقاط بسيطة في شكل بسيط ولست في معرض كتابة بحث أكاديمي، وأعتبر ما أكتبه هنا مجرد رأي، لا ليُؤخذ به ولكن ليثير في عقل كل من يقرأه تساؤلات تحثه على البحث وتكوين فكرته ورأيه الشخصي.
وفي هذه التدوينة لن أجيب بشكل مباشر على السؤال أعلاه(عنوان التدوينة)ولكن من خلال السياق ستظهر الإجابة جلية جدا،لأن السؤال الأهم هو إذا كان الإسلام دين ودولة فهل يتم تطبيقه من قبل معتنقيه بشكل صحيح؟ وتكملة السؤال هل يتم تقويمه من معارضيه بشكل صحيح؟
فإننا لا نجد العلمانيون وفقط هم من يأخذون بالرأي القائل بأن الإسلام دعوة دينية وفقط، بل أيضا نجد من الشيوخ وعلماء الإسلام من ذهب وراء هذا الرأي( مثل الشيخ مصطفى عبدالرازق،والشيخ خالد محمد خالد)، وإن كان كل ماذكروه من حجج وأسباب قد تم ضحده وإثبات عدم صحته،لا على يد علماء من المسلمين وفقط، بل أيضا على يد بعض من المستشرقين.
وكذلك هل الخلافة الإسلامية تعني أن تنضم الدول الإسلامية تحت مظلة حكم ونظام سياسي واحد؟ أم أن كون المسلمين أمة واحدة لا يتنافى أبداً مع فكرة أن من حق كل دولة أن يكون لها نظامها السياسي الخاص بها المبني على الأسس السياسية للحكم في الإسلام؟
..
من المعروف لدى أغلبنا أن المسيحية قد فصلت فصلا تاما بين الدين والدولة، فمن ما ينسب للمسيح وصار وراءه من بعده المسيحيون: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وكذلك بعض الأقوال الأخرى الواردة في الإنجيل، وهو ما أدى إلى وجود سلطتين، الأولى السلطة الدينية وعلى رأسها البابا، والثانية السلطة الدنيوية، أو الزمنية، وعلى رأسها الإمبراطور، وهاتان السلطتان قد مرتا إن صح التعبير بتبادل في الأماكن والمقامات، ففي القرون الأولى للمسيحية كانت السلطة الزمنية تعلو على السلطة الدينية وهذا لأن المسيحية كانت في بداياتها وتجابه ببعض الإضطهاد لذلك آثروا عدم الإصتدام بسلطة الملك أو الإمبراطور وخضعوا له، وقدموا له الولاء، ثم نشأت خلافات بين السلطتين-سلطة البابوات وسلطة الملوك-حتى بدأت سلطة البابوات تناطح سلطة الملوك ووجد المواطن نفسه خاضع لنظامين وسلطتين إحداهما سياسية والأخرى دينية، وهذا الإزدواج أدى الى الكثير من التنازع و الأقتتال.
هنا نجد أن الأسلام على عكس المسيحية واليهودية قد مزج بين الدين والدولة ولم يفصل بينهما، وهذا محل جدال ونقاش وخلاف من قديم الأزل، وربما هذا بسبب خطأ الطرح نفسه، ولو طرح السؤال بشكل صحيح أو دار النقاش على معضلة أكثر منطقية لكان الوصول لإتفاق سيكون أيسر ولما اتخذ كل فريق سبيل مختلف ووصل به لنتيجة خاطئة تماما.
فربما طرح السؤال بنص،هل الإسلام دين ودولة،لا يرتقي لمنطقية وصحة طرحه بنص: هل الإسلام كدين تضمن بعض أمور سياسة وتسيير الدنيا؟
فالمعتنقون لفكرة الإسلام دين ودولة يريدون تطبيقها بشكل خاطئ، والرافضون لها يريدون دفنها بشكل جائر.
فالغير قابل للإنكار أن الدين الإسلامي ودستوره القرآن الكريم, قد تضمن ما لايمكن إنكاره من مبادئ الحكم السياسي التي تصلح لأي مكان وأي زمان، فنجد أن القرآن قد ذكر مبادئ أساسية للحكم ومنها :
العدل، المساواة،الشورى، التعاون بين الحاكم والمحكومين، الحرية، التكافل الإجتماعي، الحقوق الفردية للمواطنين. وغيرها.
وعندما حدد الإسلام هذه المبادئ العامة لم يحدد لها تفصيل بل ترك لنا تفصيل ما يندرج تحتها ولا يتنافى أو يتناقض مع جوهرها، وكذلك لم يمنع أن تكون لكل دولة إسلامية حدودها الجغرافية ونظمها السياسية والقانونية بما لا يتناقض مع ما شرعه وسنه من قوانين إلهية، فالخلافة في جوهرها لا تعني أن نكون دولة واحدة بحاكم واحد، بقدر ما تعني أن نكون أمة واحد بمنهج واحد، وإن تعدد المطبقون والحكام، أو تعددت واختلفت الحدود والبلدان.
فالإسلام، في غير مسائل المعتقدات والعبادات، يسمح بإختلاف النظم السياسية والحكومية، بما يتماشى مع الزمان والمكان وبما لا يتعارض مع الأسس والقواعد العامة للحكم-التي تم ذكرها- التي حددها الله في القرآن. وهذا ما تم التعامل معه بالقواعد الأساسية المقررة في الشريعة الإسلامية،مثل ،قاعدة التوسعة على الحكام في الأحكام السياسية، وقاعدة رعاية المصالح المرسلة. وغيرها.
كذلك نجد أن الإسلام لم يقرر أو يأتي بشكل محدد للتنظيم السياسي وحكومة الدولة، فهو كما ذكرنا سلفا قد وضع أسس عامة، وترك لنا تفصيلها بما لا يتناقض مع جوهرها وبما يناسب المكان والزمان. فالقرآن مثلا لم يحدد طريقة إنتخاب الحاكم، ولكنه وضع مبدأ الشورى والإختيار والبيعة (التي هي الإنتخاب في أيامنا). كذلك فإنه أمر بأن يكون الحكم بالعدل، ولكنه لم يقرر كم وأي من الوزارات ينبغي أن تتكون منها سدة الحكم. إلى غير ذلك من الأمور.
وكان بعض ما قام به الخلفاء من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وما قام به الرسول نفسه، يمثل بعض قواعد التنظيم السياسي للدولة، ثم تبعهم علماء المسلمين بالإجتهاد والإستنباط واضعين مايشبه الأحكام الدستورية المنظمة للعمل السياسي للدولة ونظام الحكم فيها. ولكن تبقى حقيقة جوهرية، وهي أن كل هذه المصادر لا تمثل أو تعد أساساً ملزماً أبدياً لكل تنظيم سياسي في العصور المختلفة، فالقرآن وحده بقواعده التي حددها هو الإلزام الوحيد، أما التطبيق فقد يختلف بإختلاف الزمان والمكان.
...
كان منهج الباباوت في الحكم هو أنهم يحكمون نيابة عن الله، لذلك كانوا يعاملون كالألهة، أما في الإسلام فالحاكم لا يحكم نيابة عن الله، بل يحكم بما قرره وشرعه الله، ووجبت طاعته مادام على ذلك، فهو لا يطاع لذاته، وإنما يطاع لقيامه على شريعة الله ورسوله، بعيداً عن إرادته الشخصية، فهو لا يجمع السلطات وإنما يقوم على تطبيقها، فإن خالف ذلك سقط عنه حق الطاعة، ووجب الخروج عليه ومقاومته.
كذلك فإنه لا يحكم بتفويض إلهي له، وإنما يحكم بموجب إختيار الشعب له، إختيارا قائما على الرضا التام.
وبهذا الشكل المذكور، يتبين أن هذا الشكل أقرب ما يكون من نظام الديموقراطية الحديثة، وإن إختلفت المسميات أو المصطلحات.
فالخلافة التي منحها الله للإنسان عندما قال ( إني جاعل في الأرض خليفة ) ليست خلافة في المكانة، ولكن خلافة في المنهج، وهذا لا يمنح الخليفة أو الحاكم مكانة أعلى من المحكومين، ولا يثبت أنه أكثرهم وأعلاهم علما بالشريعة، بل يمنحه مسئولية أكبر منهم، وهذا ما يتضح عمليا في فترة خلافة الصحابة الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يقم أحد بصياغة الفكرة بهذا الإسلوب.
فالفكرة أنه إذا كان الدين لا يُخطئ، وليس به خطأ فهو شريعة الله، وأنت تتدعي أنك المُمثل الأمثل والأوحد للدين وتُخطئ؟
فإما انك جاهل بدينك من الأساس وإما انك كاذب ومُدعي !
فإما أن تقبل نقدي على أنه نقد لك وليس نقد وعداء للدين، وأما أن تكف عن كذبك وإدعائك!
ولهذا كانت الشورى أحد أهم مبادئ الحكم في الإسلام، وكان طلب العون من الرعية في حالة الصواب والتقويم في حالة الخطأ من أول ما نبه عليه أعظم خلفاء الإسلام في خطبة توليهم الحكم( راجع خطبة أبي بكر الصديق وخطبة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم).
...
ربما نقطة الخلافة من النقاط المهمة والملحة، بعيداً عن عرض الأراء فيها نخلص إلى حقيقة واقعية بعيدة عن جدالات من قالوا بوجوبها أو من قالوا أنها ليست من فرائض الدين.
فالأكيد أنه ليس ثمة شك في أن الخلافة من حيث كونها رئاسة للدولة وتسيس لأمورها واجبة، لأنه لا دولة بدون سلطة تسوسها وتحكمها، ولا سلطة بدون رئاسة عليا أو رئيس. ولكن المسألة هي أن مصطلح الخلافة هنا الأن، ليس ما يتخيله البعض مستدعين صورة الحكم الأولى في بداية الدولة الإسلامية، ولكن نظام بصورة من الصور، يخضع للأسس العامة للحكم التي حددها الإسلام.
...
========
مراجع للبحث
- نظرية الدولة. د/ طعيمة الجرف
- من هنا نبدأ. الشيخ/ خالد محمد خالد
- الإسلام وأصول الحكم. الشيخ/ على عبد الرازق
- الديموقراطية في الإسلام. عباس محمود العقاد
- أصول الفكر السياسي. د/ ثروت بدوي
- صناعة الفتوى وفقة الأقليات. الشيخ/ عبد الله بن بيه
- النظريات السياسية الإسلامية. د/ محمد ضياء الدين الريس
- الديموقراطية الإسلامية. د/ عثمان خليل عثمان
..
...
وفي هذه التدوينة لن أجيب بشكل مباشر على السؤال أعلاه(عنوان التدوينة)ولكن من خلال السياق ستظهر الإجابة جلية جدا،لأن السؤال الأهم هو إذا كان الإسلام دين ودولة فهل يتم تطبيقه من قبل معتنقيه بشكل صحيح؟ وتكملة السؤال هل يتم تقويمه من معارضيه بشكل صحيح؟
فإننا لا نجد العلمانيون وفقط هم من يأخذون بالرأي القائل بأن الإسلام دعوة دينية وفقط، بل أيضا نجد من الشيوخ وعلماء الإسلام من ذهب وراء هذا الرأي( مثل الشيخ مصطفى عبدالرازق،والشيخ خالد محمد خالد)، وإن كان كل ماذكروه من حجج وأسباب قد تم ضحده وإثبات عدم صحته،لا على يد علماء من المسلمين وفقط، بل أيضا على يد بعض من المستشرقين.
وكذلك هل الخلافة الإسلامية تعني أن تنضم الدول الإسلامية تحت مظلة حكم ونظام سياسي واحد؟ أم أن كون المسلمين أمة واحدة لا يتنافى أبداً مع فكرة أن من حق كل دولة أن يكون لها نظامها السياسي الخاص بها المبني على الأسس السياسية للحكم في الإسلام؟
..
من المعروف لدى أغلبنا أن المسيحية قد فصلت فصلا تاما بين الدين والدولة، فمن ما ينسب للمسيح وصار وراءه من بعده المسيحيون: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وكذلك بعض الأقوال الأخرى الواردة في الإنجيل، وهو ما أدى إلى وجود سلطتين، الأولى السلطة الدينية وعلى رأسها البابا، والثانية السلطة الدنيوية، أو الزمنية، وعلى رأسها الإمبراطور، وهاتان السلطتان قد مرتا إن صح التعبير بتبادل في الأماكن والمقامات، ففي القرون الأولى للمسيحية كانت السلطة الزمنية تعلو على السلطة الدينية وهذا لأن المسيحية كانت في بداياتها وتجابه ببعض الإضطهاد لذلك آثروا عدم الإصتدام بسلطة الملك أو الإمبراطور وخضعوا له، وقدموا له الولاء، ثم نشأت خلافات بين السلطتين-سلطة البابوات وسلطة الملوك-حتى بدأت سلطة البابوات تناطح سلطة الملوك ووجد المواطن نفسه خاضع لنظامين وسلطتين إحداهما سياسية والأخرى دينية، وهذا الإزدواج أدى الى الكثير من التنازع و الأقتتال.
هنا نجد أن الأسلام على عكس المسيحية واليهودية قد مزج بين الدين والدولة ولم يفصل بينهما، وهذا محل جدال ونقاش وخلاف من قديم الأزل، وربما هذا بسبب خطأ الطرح نفسه، ولو طرح السؤال بشكل صحيح أو دار النقاش على معضلة أكثر منطقية لكان الوصول لإتفاق سيكون أيسر ولما اتخذ كل فريق سبيل مختلف ووصل به لنتيجة خاطئة تماما.
فربما طرح السؤال بنص،هل الإسلام دين ودولة،لا يرتقي لمنطقية وصحة طرحه بنص: هل الإسلام كدين تضمن بعض أمور سياسة وتسيير الدنيا؟
فالمعتنقون لفكرة الإسلام دين ودولة يريدون تطبيقها بشكل خاطئ، والرافضون لها يريدون دفنها بشكل جائر.
فالغير قابل للإنكار أن الدين الإسلامي ودستوره القرآن الكريم, قد تضمن ما لايمكن إنكاره من مبادئ الحكم السياسي التي تصلح لأي مكان وأي زمان، فنجد أن القرآن قد ذكر مبادئ أساسية للحكم ومنها :
العدل، المساواة،الشورى، التعاون بين الحاكم والمحكومين، الحرية، التكافل الإجتماعي، الحقوق الفردية للمواطنين. وغيرها.
وعندما حدد الإسلام هذه المبادئ العامة لم يحدد لها تفصيل بل ترك لنا تفصيل ما يندرج تحتها ولا يتنافى أو يتناقض مع جوهرها، وكذلك لم يمنع أن تكون لكل دولة إسلامية حدودها الجغرافية ونظمها السياسية والقانونية بما لا يتناقض مع ما شرعه وسنه من قوانين إلهية، فالخلافة في جوهرها لا تعني أن نكون دولة واحدة بحاكم واحد، بقدر ما تعني أن نكون أمة واحد بمنهج واحد، وإن تعدد المطبقون والحكام، أو تعددت واختلفت الحدود والبلدان.
فالإسلام، في غير مسائل المعتقدات والعبادات، يسمح بإختلاف النظم السياسية والحكومية، بما يتماشى مع الزمان والمكان وبما لا يتعارض مع الأسس والقواعد العامة للحكم-التي تم ذكرها- التي حددها الله في القرآن. وهذا ما تم التعامل معه بالقواعد الأساسية المقررة في الشريعة الإسلامية،مثل ،قاعدة التوسعة على الحكام في الأحكام السياسية، وقاعدة رعاية المصالح المرسلة. وغيرها.
كذلك نجد أن الإسلام لم يقرر أو يأتي بشكل محدد للتنظيم السياسي وحكومة الدولة، فهو كما ذكرنا سلفا قد وضع أسس عامة، وترك لنا تفصيلها بما لا يتناقض مع جوهرها وبما يناسب المكان والزمان. فالقرآن مثلا لم يحدد طريقة إنتخاب الحاكم، ولكنه وضع مبدأ الشورى والإختيار والبيعة (التي هي الإنتخاب في أيامنا). كذلك فإنه أمر بأن يكون الحكم بالعدل، ولكنه لم يقرر كم وأي من الوزارات ينبغي أن تتكون منها سدة الحكم. إلى غير ذلك من الأمور.
وكان بعض ما قام به الخلفاء من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وما قام به الرسول نفسه، يمثل بعض قواعد التنظيم السياسي للدولة، ثم تبعهم علماء المسلمين بالإجتهاد والإستنباط واضعين مايشبه الأحكام الدستورية المنظمة للعمل السياسي للدولة ونظام الحكم فيها. ولكن تبقى حقيقة جوهرية، وهي أن كل هذه المصادر لا تمثل أو تعد أساساً ملزماً أبدياً لكل تنظيم سياسي في العصور المختلفة، فالقرآن وحده بقواعده التي حددها هو الإلزام الوحيد، أما التطبيق فقد يختلف بإختلاف الزمان والمكان.
...
كان منهج الباباوت في الحكم هو أنهم يحكمون نيابة عن الله، لذلك كانوا يعاملون كالألهة، أما في الإسلام فالحاكم لا يحكم نيابة عن الله، بل يحكم بما قرره وشرعه الله، ووجبت طاعته مادام على ذلك، فهو لا يطاع لذاته، وإنما يطاع لقيامه على شريعة الله ورسوله، بعيداً عن إرادته الشخصية، فهو لا يجمع السلطات وإنما يقوم على تطبيقها، فإن خالف ذلك سقط عنه حق الطاعة، ووجب الخروج عليه ومقاومته.
كذلك فإنه لا يحكم بتفويض إلهي له، وإنما يحكم بموجب إختيار الشعب له، إختيارا قائما على الرضا التام.
وبهذا الشكل المذكور، يتبين أن هذا الشكل أقرب ما يكون من نظام الديموقراطية الحديثة، وإن إختلفت المسميات أو المصطلحات.
فالخلافة التي منحها الله للإنسان عندما قال ( إني جاعل في الأرض خليفة ) ليست خلافة في المكانة، ولكن خلافة في المنهج، وهذا لا يمنح الخليفة أو الحاكم مكانة أعلى من المحكومين، ولا يثبت أنه أكثرهم وأعلاهم علما بالشريعة، بل يمنحه مسئولية أكبر منهم، وهذا ما يتضح عمليا في فترة خلافة الصحابة الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يقم أحد بصياغة الفكرة بهذا الإسلوب.
فالفكرة أنه إذا كان الدين لا يُخطئ، وليس به خطأ فهو شريعة الله، وأنت تتدعي أنك المُمثل الأمثل والأوحد للدين وتُخطئ؟
فإما انك جاهل بدينك من الأساس وإما انك كاذب ومُدعي !
فإما أن تقبل نقدي على أنه نقد لك وليس نقد وعداء للدين، وأما أن تكف عن كذبك وإدعائك!
ولهذا كانت الشورى أحد أهم مبادئ الحكم في الإسلام، وكان طلب العون من الرعية في حالة الصواب والتقويم في حالة الخطأ من أول ما نبه عليه أعظم خلفاء الإسلام في خطبة توليهم الحكم( راجع خطبة أبي بكر الصديق وخطبة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم).
...
ربما نقطة الخلافة من النقاط المهمة والملحة، بعيداً عن عرض الأراء فيها نخلص إلى حقيقة واقعية بعيدة عن جدالات من قالوا بوجوبها أو من قالوا أنها ليست من فرائض الدين.
فالأكيد أنه ليس ثمة شك في أن الخلافة من حيث كونها رئاسة للدولة وتسيس لأمورها واجبة، لأنه لا دولة بدون سلطة تسوسها وتحكمها، ولا سلطة بدون رئاسة عليا أو رئيس. ولكن المسألة هي أن مصطلح الخلافة هنا الأن، ليس ما يتخيله البعض مستدعين صورة الحكم الأولى في بداية الدولة الإسلامية، ولكن نظام بصورة من الصور، يخضع للأسس العامة للحكم التي حددها الإسلام.
...
========
مراجع للبحث
- نظرية الدولة. د/ طعيمة الجرف
- من هنا نبدأ. الشيخ/ خالد محمد خالد
- الإسلام وأصول الحكم. الشيخ/ على عبد الرازق
- الديموقراطية في الإسلام. عباس محمود العقاد
- أصول الفكر السياسي. د/ ثروت بدوي
- صناعة الفتوى وفقة الأقليات. الشيخ/ عبد الله بن بيه
- النظريات السياسية الإسلامية. د/ محمد ضياء الدين الريس
- الديموقراطية الإسلامية. د/ عثمان خليل عثمان
..
...