فــِــرَاق

كـــم هَرَبَـت نوَاظــِرُنا حَيـَــــارىَ

ظـَنـّوا أنَّ العَــواطـِفَ قد تــُوارىَ

فإن تـَحَاشَــت أعيُنـُنـَـا التلاقِــــي

فإن للقلـــبِ عيـــون لا تُـبـَـــارىَ

يا حَبيبـِـي كم تَعِبنا من التـَنائــي

وكم حَنينــي مع القـَلـْـب تَمـَـارىَ

فصَاحَبَ الوَجدُ يَقـَظـَتي ومَنـَامي
واتـَخـَذ َالهـَـــمُ من رَوْحـــي دَارَا
وصِرتُ كَأنـِّي عَنْ نـَفْسي غـَريب
وضَربَ البَيَنُ في كـَيَانِي أسْـوارَا
فأي كـَوْن هَذا منْ حَوْلي أشَـاهـد
وهل لسُكـْناه بَعــدك لي إصْطِبارا
فلا ألـْفُ شَمْـــس تـُضيئُ نـَــهارَه
ولا لِلـَيْاليهِ من الأنـْــوار ِأسْتــَارا
وسَكـَـنَ غـُـرابُ البَيـْن ِمـَـــرابـِعَهُ
ومَـــا انـْبَتـَتْ ربَــــاعُهُ أزْهَـــــارا
فــلاَ أرَىَ حـَــوْلي إلا مَا أجْهـَلــَـهُ
كَأنَّ مَنْ ألِفـْتَ قد رَكـَبوا البـِـحَارَا
وغـَادَروا لعَــوَالم ٍمَجْهُـولةٍ عَنـِّي
لتـَزدَادَ نيــرَانُ وحْدَتي إسْتعــَـارَا
فـَهَل للقــــربِ مِنـك منْ سَبيــــِــل

فأقْطَعـهُ زَحفـاً كهَوام الصَحَـــارَىَ
عَلـِّـي أقـْترب منْ فـَجـْر أفـْــراحي
فأسْتوْطِنَ رَبْعَك وأنْهيَ الأسْفـَـارا
ألفُ عـَـام من فــراق قد تَوَالــــت

شَيَّبَت رَوحـي وضمتني للكَسَارى

سَيّرَتنِـــي بكل دُروب الحَنيـــــــن ِ

وصِــرتُ فيها حَكََّـاء السَهَـــــارَى

اُصْطـُفِيــتُ لبـِحَار ِالشَـوقِ ِرُبَانـَـا

وعُصِـرت قِصَتي نـَبيذَاً للحَيَــارَى

كـم جَمَّعَتنَــا قَصَاقيِـصُ الحَكَايــَــا

وبتَفـْريقنـا يَدُ القـَـــدر مَا تُجـَـارَى
أتـِـلـْك خَطيئـَــة قـُلوب تـَحَابـــَـــت
بزَمـَان يَعِشْـه طـُغـَـاة أوْ سَكـَــارَى
وحَلمـَــت بقـُرب ٍوعَيـْـش رَغيـــــدٍ
فظـَلت لدُهــور ٍتـُعـَـــاني المَـــرارَا
ولـمْ تـَجنْ طـُــوال العـُمر ِســـَعـْـدا
ولا ابْتـَعَدَ عَنـْهــَـا بُؤسُهَا أشْبَــارا 
لكِــنَّ ذلكَ لـَم يَأدْ فيهـــَـا الأمـــَـالَ
ولا تـَفاؤلُهــا اسْتـَعْذبَ الفِـــــرارَا
فاللـُقـَــا سَيُغــادرُ حُلـْمَنـا الليلـــي
ويَسْكُـن بَيْننــا يَبْتـَغي إسْتقـْــرارَا
..
...