الأربعاء، أغسطس 22، 2012

أقنعـــــة



...
نحـــن
من جعلنا للكذب ألـــوان
وقلنا ربما أسوده يضُـر
لكـــنَّ
أبيضهُ وأصفرهُ وأخضرهُ
ليس خداع أو بُهتـــان
هي حرب والكل مُبـــاح
وحناجرنا وألسننا فِدا
الأوطـــان
الكلُ دونـَـك
قيد بَحْث وتَحَـــري
أو مُــدان
أما أنــتَ
فشريف قومــك
ونَبِــيُ هذا الزمــان
تَشجُب وتُنكر وتستنكِر
فهذا إفك وذاك ضــلال
وإن خَصَ الأمر أعمالك
صار الغــش فريضة

وأسود الكــذب حــلال !!
..





السبت، أغسطس 18، 2012

أشكركم،وكل عام وأنتم بخيــر



أأُرَحِب سعيــدا بعيدٍ قد دَنــــا
أم أودِّع بحزنٍ شهر قد تـَولَّى
رُبما ماعاد بالدنيا مُقـَام لنـَــا
وربما طـَال بنا العـُمرُ وتَمَلَّى
إن عُــدتَ ونحن مازلنا هُنــا
فنَبِّهنَا لمـــوتٍ منا قد تَدَلَّـــى
وادعــو فينا واعــظ لعـَلَنـَـــا
نَدَع وَهَنَــاً به القلــبُ تسلَّــى
فنَغـْتـَنِمك وتَسْتَفِيقُ هِمَّاتُنُــــا
ونقتنص خيرا بمقدمك تَجـَلَّى
فلربما ذرَة رجًّحَت موَازينـَنَـا
فطَابت الأخرةُ وذاك ما نتَمَنى
..
...
كل الشكر والتحية لمن هنأني بقدوم العيد،وكل عام وأنتم بألف خير،وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال،وأعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات،وعلى أمتنا الإسلامية بالخير والأمن والأمان والإزدهار.
..
كل عام وأنتم بخير. 


الجمعة، أغسطس 17، 2012

صبـــاح جديــد



أبـــــــدأُ صَباحِـي واثِــقٌ بربـِـــــي
صَباحي شُمــوس بأمَلي تُنيــــــــرُ
واثـــــق بأمَلــــي أقطـَـعُ دَربــــــي
بربـــــي تُنيـــــــرُ دربـي والمَسِيـرُ
..

الأحد، أغسطس 12، 2012

صبـــــاح.



الشمس تُشرق والقلب يَخْفـــق
والــروح تهفو بالأمــــل تَدْفــق
تُقَابل صبــاح بالنـــور يُبلـــــج
تدعـــو كريما بالخيـر يُغـــــدق
تحمل تفــــاؤل يباري المنايــــا
ما انتظر مُشفِــق عليه يُشفـــق
فأجعل لأفعـــــالك صوت مُـــدوٍ 
يُذهــــل ظاننك بالرأس تُطـــرِق
وأسعــى حثيثا لكسب الأمانـــي
فلا مُنتَظَـــر على الباب يَطـــرق
فهذي الحيــــاة ساحــة تغَالُــــب
لا حِــب يحمي أو عِدى يرفُـــــق
أنــت الجنـــود وأنت الســـــلاح
لا زيد يدعـم ولا عمرو يُنفـــــق
حرب ضروس تخوضها وحيــدا
فكـن شجاعـــــا باليأس يُحــــدق
فيمحـوه محوا ويُتْبِعه التشـــاؤم
فتزهو الحيـــاة والدنيـــا تَبْـــرَق
فأي قنـــوط تُصبـــــــك رِمَاحــــه
يجعل كونـــك في الظلمة يَغَـــرَق
فالنـــور منبعه حنايـــا الفـــــؤاد
وليست الشمـس أو نجم يطـــرَق
..
...


الخميس، أغسطس 09، 2012

أزمة العقــل المسلـــم


إن المهم هو أن ندرك هنا أن وجوه القصور في حياة المسلمين لا ترجع إلى قيم الإسلام و مقاصده و غاياته, و إنما ترجع إلى فكرهم و عقلهم.

..
و قد ظهرت أزمة الفكر المسلم والعقل المسلم والمنهج المسلم جلية واضحة بتقدم الزمان وتطور التحديات حتى غدت الهوة بين المثال والواقع لا تخطئها العين, وأصبحت الغايات أماني، والإنجازات والقدرات تاريخا وذكريات، وأصبح من الواضح إفلاس المجتمع وإفلاس قيادته السياسية بسقوط الأمة في قبضة أعدائها، كما أصبح من الواضح إفلاس قيادته الفكرية حتى لم تعد قادرة على أخذ زمام المبادرة وتجديد   طاقة الأمة الحضارية لمواجهة الهجمة الثقافية والحضارية الوافدة الدخيلة, وأصبح لزاما معرفة المسار التاريخي الذي انتهى بالأمة وقيادتها إلى مواقفها المختلفة التي تقف فيها.
إن من الواضح أن الأفاق الحضارية التي بلغتها الأمة بالأمس لم تكن إلا من آثار الدفعة الكبرى التي أحدثها الصدر الأول من الإسلام و ما بقى من آثاره من مفاهيم و سياسات وتنظيمات، وكان لابد للجذوة أن تخبو, وللحركة أن تتلاشى كلما تغيرت الأحوال، وظهرت عوامل المقاومة،وتغيرت المعالم والتحديات، وفي هذه الأحوال فُقِدَ دليل العمل وتلاشت طاقة الدفع والتجديد وذلك بإنفصام القيادة السياسية عن القيادة الفكرية وتعارض السلاطين والعلماء والتباعد بينهم مما أدى إلى الركون للحرفية و التقليد وإلى إتباع الجاهليات والأهواء، وكان لابد أن تتراخى المسيرة وأن تصعب مواجهة العقبات والتحديات، حتى عجزت الأمة عن الإستمرار في توليد المعارف و تطوير الأنظمة وعن توليد الخطط والوسائل والسياسات لبلوغ آفاق حضارية متنامية تستجيب للظروف والحاجات والإمكانات المتطورة المتغيرة.
..
فاليقظة في حماية ضوابط الفكر ومنطلقاته،والتفهم اليقظ الواعي لكليات الشريعة و مبادئها وقيمها ومقاصدها مقياس وضابط أساسي لحماية الوحي والرسالة والشريعة من الغش والتدليس والتخريب، وكذلك و بنفس القدر من الأهمية هي مقياس وضابط لحماية العقل والمنهج المسلم من التدمير والتحطيم من منطلق العجز العلمي والإرهاب النفسي.
إن حماية العقل المسلم ومنهجة وسلامة أدائه هي حماية للدين وللشريعة وللإنسان المسلم وللعقل والمجتمع المسلم،لا تنفصم بينهم ولا تنفك،فالرسالة هي الغاية،و العقل والإدراك هما الوسيلة، وإذا دمرت الوسيلة أو فسدت ضاعت الغاية وغاب المقصد.
...
هذه مقتطفات بسيطة جدا من كتاب ( أزمة العقل المسلم ) للدكتور عبد الحميد أحمد أبو سليمان و هو عالم سعودي عربي من علماء الفكر الاسلامي والعلوم الإجتماعية، وأنا هنا لست بصدد عرض الكتاب، فأنا قد قرأته منذ سنوات طويلة،إلى جانب عمق فكره الذي تصعب معه- و قد تستحيل- مسألة تلخيصه أو عرضه بطريقة تليق به،فكل سطر فيه ببحر من الأفكار، و قد رجعت إليه الأن لأنه يصف حالنا بدقة متناهية، ويضع العلاج بمهارة فائقة، ولكن كالعادة لا إهتمام و لا حياة لمن تنادي !!

يتألف الكتاب من ستة فصول،الفصل الأول بعنوان : الأصالة الإسلامية المعاصرة هي الحل.

و يبدأ من منطلق الحل الذي هو النهضة من منطلق الأصالة، والذي يواجهه عدة تداخلات في الحلول، فهناك الحل الأجنبي الدخيل،والحل التقليدي التاريخي، والحل من منطلق الأصالة الإسلامية المعاصرة
ثم ياتي لعرض الجذور التاريخية للأزمة،ليعرض الأسباب التي وصلت بنا الى حالنا الحالي من حالة الفصام بين القيادة الفكرية و القيادة السياسية التي اوصلتنا لما نحن فيه
ثم يخلص إلى فحوى الأزمة وعرض مجالات تصحيح المسار، مثبتا أن الأزمة أزمة فكر لا أزمة عقيدة،و أن العزلة الفكرية هي تربة الجمود والتقليد والتخلف.

ثم يأتي الفصل الثاني تحت عنوان : المنهج التقليدي للفكر الإسلامي،تقويم و نقد
والذي يعرض من خلاله أصول هذا المنهج ،وما حدث من وأد للعلوم الإجتماعية، وتراثنا و ما يمثله من ثروة و زاد للمسير نحو المستقبل.

ثم يعرض في الفصل الثالث قواعد وأسس منهجية الفكر الإسلامي، عن طريق عرض أُطره ومعارفه،و مصادره والمنطلقات الأساسية للمنهجية الإسلامية والفكر الإسلامي، ثم يعرض المفاهيم الأساسية للمنهجية الإسلامية،ثم خصائص منهجية الفكر الإسلامي.

ثم يأتي الفصل الرابع  تحت عنوان :المنهج الإسلامي ومتطلبات بناء علوم الحضارة الإسلامية
والذي يعرض فيه تصنيف النصوص الإسلامية،وشمولية الرؤية الحضارية، ثم يعرض مقدمات العلوم الإجتماعية ويتناول فيها نقاط : أبعاد الوجود الإنساني الإسلامي،والغاية والقصد في نظام الكون والحياة، ثم موضوعية الحق والحقيقة في طبائع النفوس والعلاقات الاجتماعية الإنسانية.

ثم في الفصل الخامس وتحت عنوان : في مقدمات العلوم الإجتماعية، يعرض ويتناول علوم التربية والسياسة والعلوم التقنية من متناول ومنظور أسلامي.

ثم يأتي للفصل السادس تحت عنوان : الإسلام والمستقبل ليعرض نظرته لمستقبلية بناء الأمة،والإسلامية والمؤسسات العلمية،ومستقبل مسيرة الإنسانية.
...
ربما هذه الكلمات البسيطة جدا عن الكتاب توضح مدى أهميته، ومدى الإفادة الجمة التي تعود على قارءه وعلى مجتمعنا بأكمله منه،فنحن في أشد الحاجة للإرشاد العقلي و الفكري و الذي سيتقدم بنا و بمجتمعنا و بأمتنا في المسار الذي يليق بتاريخنا و بديننا و بأمتنا.
يمكن للجميع ببحث بسيط تحميل الكتاب أو قراءته على أكثر من موقع.
..
...

الثلاثاء، أغسطس 07، 2012

حِـــــــداد


لن أرتدي ثوب الحداد على من رحلوا

و لكن على من بقوا

فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون

والباقون أموات ولكن يُنكرون !

الجمعة، أغسطس 03، 2012

حتى لا ننسى،مذبحة الحرم الإبراهيمي.




أمــداد حبــر أم دمـــاء أبغي للقلــم
لأرثــي ماحدث مثل اليوم بالحَــرَم
أأرثو شهيــــدا هو حــي عند ربــه
أم أرثو أمــة صارت أنعس الأُمَـــم
سالت دمـاء شهــداء قرآن فجـــرك
بيد مجــرم خسيس من أقذر الرِمَـم
فغَسَلت بالطُهـر والتُقى ثرى بيتــك
وأعلَنَت نصرا جديد لإنتهاك الحُـرَم
جلسنا بالجحـور نُحصي مذابحنـــا
سُحقا لنا،جبن وذل وانحطاط هِمَــم
لكِنَا نَعلمُ بأن تحت هاتيــك الظُلَــــم
نور فئة صابـرة تَصعد نحو القِمـــم
ماضَرهم خُذْلانُنُا أو كيد من عاداهُمُ
فالله وحده حَسْبُهم رب العِزة والنِعم


...
....
في صلاة فجر يوم الجمعة في منتصف شهر رمضان لسنة 1414 هجرية، الموافق 25 فبراير 1994 ميلادية، وقعت مذبحة الحرم الإبراهيمي التي راح ضحيتها 29 شهيدا من المصلين إلى جانب 150 جريح، بقيادة المجرم اليهودي باروخ جولدشتاين بمساعدة من الجيش الإسرائيلي..
ليس هناك ما يُقال،خاصة أن مذابحنا لم و لن تنتهي، فكل ما سيقال هو ترديد لمخازي ضعفنا و هواننا، ندعوا للشهداء بالرحمة، وإن كانوا هم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فنحن من نستحق الدعاء لعل الله يوقظ فينا كرامتنا و عزتنا التي دفناها بخزينا و عارنا و استكانتنا، فاللهم ردنا إليك فأنت الأعز الأكرم ولا عزة و لا كرامة إلا بك و منك، وأنفض عنا غفلتنا و أبدل ضعفنا قوة،وأحي فينا روح دينك،و أنصرنا على أنفسنا و على عدوك و عدونا.
..
...

الأربعاء، أغسطس 01، 2012

زززززززز !!


لم يخش يوما الظلام ولم يخف يوما من العفاريت،فلم يكن يسمح للخوف بالتسرب الى روحه،فقد كان يعلم أن ذلك لو حدث، سيحتل روحه إلى أجل غير مسمى !!
..
زززززز..زززززززز !!
نعم كان صعب جدا عليه تجاهل هذا الصوت الذي يلاحقه و يملأ أذنيه و يتردد صداه داخل خياله في صورة مرئية يغمض عينيه كي لا يراها، كان وحده في وسط ظلمة الليل الحالكة سائرا طريق طويل وسط مساحة شاسعة من الرمال الناعمة المنحدرة و المرتفعة تتناثر خلالها شجيرات النخيل فاردة سعفاتها كشعور الجنيات التي وُصفت له كثيرا في الحواديت و هو صغير، فكانوا يقولون له أن فلان مر خلال هذا الطريق ورأى إحدى الجنيات قد جلست في قلب إحدى النخلات الشاهقة و قد تدلى شعرها المنكوش حتى لامس حبات الرمال..
كان يحمل في يده فرع من البوص الناشف،تناوله ليتوكأ عليها و يتخذ منها رفيق في رحلته،لم يستطع التخلص من هذا الصوت،فكان كلما خفف خطواته،خَفَتَ الصوت و كأنه يتوقف لتوقفه،وكلما جَدَّ السير سامِحا لنسمات الهواء العليلة بإقتحام صدره و بمداعبة شعراته المتمردة على حبس شاله الأبيض الملفوف على رأسه، زاد الصوت وأرتفع و كأنه يقول له لن تفلت مني !
نعم كان لا يخاف،و لم يكن مازال طفلا ليخاف،فقد تخطى الثلاثين عام من العمر،و لكن بدأت الخيالات تلعب به، قالت له روحه أن زززززز تلك ما هي إلا صوت عفريت يلاعبه و يتلاعب به،حتى إذا ملَّ أعلنَ عن نفسه و كشف نفسه له، بدأ ينظر للنخيل من حوله و كلما مر من أسفل واحدة نظر لأعلى فيرى النجوم تتخلل سعافتها التي يراقصها النسيم،و لكن كلما نظر إلى شجرة نخيل بعيدة توهم أنه يرى بكل وضوح الجنية ذات الشعور و هي تتدلى من أعلى النخلة و شعرها المنكوش يلامس الرمال الناعمة و يسمع صوت جرجرته على الرمال مختلطة بصوت زززززز الذي ملأ عليه كل كيانه..
قرر أن يتوقف ويلملم شتات نفسه،توقف و وضع عصاه البوص جانبه، و جلس يقضي حاجته، لاعبت النسمات طرف جلبابه،و شعر بسكون أكثر،والأهم أنه لم يعد يسمع زززززززز ،و كأن العفريت قد قرر أخيرا أن ينهي مُزاحه الثقيل و يغادره !!
هل يبقى بمكانه هذا طوال الليل إذن ليضمن تخلصه التام من ذلك الصوت و ذاك العفريت المتخفي خلفه ؟
و لكنه قرر أن يكمل طريقه فهو أكبر و أشجع من أن يتلاعب به صوت، حتى و إن كان صادر من ملك الجان نفسه و ليس من عفريت من العفاريت الهائمة في ملكوت الله، و عليه فقد تناول عصاته البوص و بدأ في السير من جديد و قد أقنع نفسه أن هذا الصوت قد ذهب بلا رجعة هو و صاحبه،و لكن بعد خطوات قليلة بدأت زززززززززززز تملأ الكون من حوله مرة أخرى!!
هذه المرة كان الخوف الحقيقي بدأ يتسلل في الولوج إلى روحه، فأي عفريت هذا الذي إذا جلس جلس،و إذا أنطلق تبعه معلنا عن نفسه بـ ززززززززز ؟!
مع إزدياد وقع زززززز من حوله و هو سائر بدأت تتزايد الجنيات أم الشعور من حوله على أشجار النخيل ، بدأ يرى بعضهن يضحكن له و أخريات يعبسن بوجهه ، و أخريات يبدو عليهن الغضب ، حاول أن يغلق عينيه لكنه تعثر و وقع على الأرض بعد أن شعر أن هناك عشرات الأيادي تحاول أن تُلامسه أو تُطبق على رقبته، خشى أن ينظر خلفه،و هو الذي لم يخشى فِعل هذا من قبل أبدا ، فقد كان إذا هاجمه طيف خوف توقف في حزم و نظر خلفه و في كل الجهات، كأنه يقول أرني نفسك يا من تحاول إخافتي !!
و لكن ماذا صنعت به ززززززز تلك !!
كلما أبطأ من خطواته خفتت،و كلما أسرع زادت و علت كأنها تحاول اللحاق به !!
لم يُنكر عن نفسه أنه فعلا خائف، و ربما لو كانت بعصاه روح أو لسان لخاطبته و لهَوَنّت عليه ولأنَسَته في وحشة الليل هذه، و لكنها صماء يطوحها في الهواء مع كل خطوة و يغرزها في الرمال،و لا تتوقف ززززززز !!
حاول أن يُطَمئن نفسه قائلا أن البيوت قد اقتربت و كلها أمتار قليلة و يتخلص من ذاك العفريت الذي يلاحقه،و من تلكم الجنيات منكوشات الشعر اللاتي ملأن قمم أشجار النخيل من حوله،و كِدن يُفقِدنه أنفاسه التي بدأت تتقطع و معها زادت ضربات قلبه من الخوف حتى أن صوتها بدأ يعلو و يختلط في أذنيه بصوت زززززززز !!
من خلال خطواته السريعة التي تكاد قدماه من خلالها أن تتصادما و قد التفت رجليه على بعضهما البعض من الخوف كان جلبابه الفضفاض يرفف بشدة مع نسمات الهواء المحيطة،فأختلط صوت الثوب بصوت ضربات قلبه،و غلبهما صوت العفريت الرابض من خلفه صارخا زززززززززز !!
لم يتمنى أبدا أن يقتله الخوف،و لكن يبدو أن ما أدعاه سيكون هو السبب في قتله، قالوا كثيرا أن من يخشى العفريت يظهر له،و لكنه لم يكن يخشاه،..و لكنه بدأ يخشاه الأن !!
ززززززززز !!
يا له من صوت يقتله و يُعذّب روحه و يغرس الآف النِصال في قلبه الذي يكاد ينفجر من قوة ضرباته التي قد جعلت الدم يرتعش في كل عروقه حتى جعل جسده ينتفض مرتعشا كل لحظة و أخرى،و رغم طراوة الليل بدأت حبات العرق المُحرقة تغطي وجهه و تغرق جسده المنتفض،و تزييد من إحساسه بالإختناق الذي كاد يُجهز عليه و يطبق على صدره و لا يتركه إلا جثة هامدة..

شعر بشئ يطير فوق رأسه جيئة و ذهابا و كأنه قد جاء ليكمل عليه نكبته و رعبه و يُقرّب من ساعة هلاكه فزعا، ظنه عصفور هائم يطارده، أو ربما وطواط ليلي، شتت إنتباهه و كثرت مصادر الرعب من حوله، فعفريته مازال يصرخ زززززز ،و الجنيات متدليات من فوق شجرات النخيل يكنسن بشعورهن الرمال ،و عيونهن متقدة بألوان بيضاء و حمراء و سوداء، و ربما جني أخر في صورة وطواط يجول فوق رأسه ليكتمل رعبه و جنونه..
حاول أن يُبعد ذاك الشئ المُحَلّق فوق رأسه بحركات من يده اليسرى، و لكنه أكتشف أنه أعلى قليلا فرفع يده اليمني بالبوصة التي تطوحها أثناء سيره ليُصيبه فيُبعده أو يرديه قتيلا ، ضرب بالبوصة جهة اليمين ثم جهة اليسار..و لكنه تسمر مكانه و كاد يتجمد،طوح بالعصا مرة أخرى جهة اليمين بقوة فسمع ززززززز !!
فردها ثانية جهة اليسار بقوة فسمع ززززززززز !!
فعلها مرات و مرات و كانت كل مرة يصدر عن العصى ززززززز..ززززززز !!
مسكها فإذا الغلاف الرقيق الذي يغلفها موجود عليها، ذلك الغلاف الذي كانوا و هم صغار يصنعوا منه صفارات و نايات !!
ذلك الغلاف الذي عندما يضربه الهواء يصرخ ززززززززز !!
..
ضحك في هيستيريا و بأعلى صوته وهو يدور حول نفسه و لا يستطيع أن يسيطر على نفسه من كثرة الضحكات التي ترج كل كيانه،ربما لو رءاه أحد وقتها لظنه مجنون تماما أو ربما لأرتعب من رؤيته، و ربما هذا هو ما أخاف الجنيات أم الشعور المنكوشه فهَرَبْن من على قمم النخيل يُجرجرن خلفهن شعورهن الطويلة المنكوشة ليحتمين بكهفهن المسحور، فقد أزف الوقت و جاء الفجر و سطع النور و الضياء،و دُفنت المخاوف و الهواجس و عادت الروح يملأها الأمان.