السبت، أكتوبر 27، 2012

آه يا موت



آه يا مَوت يَؤزُ مَنْ ذكـَـروه
يا أشـَد حـَق بالدُنـَا مَكْـروه
ما تـَنـَاسَىَ في البَشَــر أحَـدٌ
غـَدرَكَ القـَاسي وما نكَـروه
أقـْسَمَ الحَيُ بأنَّ كُل ذائِقـــك
ورَد كَأسِك السَلفُ مَاقدَروه
تـُلاحـِق البَرايَا أينمَا رحَلوا
فهُروبُهم نصْر لن يُظـْفروه
فأنتَ فيهـم لو أنـَّهم فـَقـَهوا
لكنـَّه سٌِر بالعِلـْم ماخـَبَـروه
نوقـِنُ أنـَّكَ والحـَيَـاة رفـَـاق
وجهٌ يَطلُ والأخرَ مَا نظَروه
يَسْبـِق خـَليلهُ على الطـَريق
واللاحـق بكَراهة مُنتـَظـروه
آه يامَوت يَاحَاصِد الحَيَـوات
وطـَامِرُها في كُل ماعَمـَـروه
لو أنَّ بَينكَ والأحـْيـَــاء سَــدً
لبَاعوا حيَـاتهم كي يَعـْبـروه
شَيطَانُهم غرَّهُم بِطول آجَـال
رَبَحوا فقطْ لو أنَّهم زَجَــروه
حُمـْقا ماخـَطـَطوا واحـْتـَـالوا
فلن يُغيِّر شئ كُل مَا مَكَـروه
فالـروحُ أمْرهـَا بيدِ بَاريهـَــا
ترْحَل بيُسْرٍ لو أنَّهم شَكَـروه
..

الأربعاء، أكتوبر 24، 2012

كل عام وأنتم بخير


كلما اقتربت الأعياد واجهنا معضلة عويصة، فواجبنا فيها أن نقدم التهاني رغم أن كل ماحولنا يستوجب تقديم التعازي.
يأتي العيد وبيننا من فـَقـَدَ غالي أو حبيب، صديق أو قريب، يأتي ودماء عربية تسيل في بقاع عدة من وطننا العربي. ربما ما نردده الأن ليست تهاني من قلب سعيد بقدر ماهي أماني من قلب موقن أنه مهما كان ظلام الحالي حالك فإن فجر القادم سيأتي بشمس مضيئة، فيُسعد القلوب الحزينة، ويُفـَرِِّج عن الأرواح البائسة.

عيد أضحى مبارك عليكم، وكل عام وأنتم وكل من تحبون وكل من يحبونكم بألف خير وسعادة، وكل عام والأمة العربية والإسلامية في خير وأمن وأمان، ويأتي العيد القادم عليكم وقد حقق كل من تمنى أمنيته، وكل من رغب رغبته، وكل من إشتاق شوقه، وعلى أمتنا وهي أحسن حالا وأعلى مقاما وأشد قوة وبأسا. محررة وطاهرة جميع أرضها ومُصانة مُكرمة جميع شعوبها وأهلها.
مرة أخرى كل عام وانتم بخير، وجمعنا الله وإياكم جميعا العام القادم على عرفات.

الأحد، أكتوبر 21، 2012

أنا من البلد دي

شفت الأغنية صدفة على اليوتيوب،أثارت جوايا مشاعر كتيرة، مش عشان بس بتتغنى بمصر بفخر ومحبة، لأ يمكن كمان رجعتني لسنين بعيدة كانت فيها حياتي شكل تاني، وكنت شايف فيها بلدي شكل تاني..
لكن، وشعوري ما يتوصف وأنا بأقولها..أنا من البلد دي.

الجمعة، أكتوبر 19، 2012

شـــوق إليك يا وطن.


شَوْقـِـي إليكَ يا وَطـَـن
قد إسْتـَشَاط واسْتـَعـَـرْ
أسْكـُــن في القـَلـبِ منكَ
وقلبـِـي بكَ ما شَعـَـر
كأنِّي عنك
قد بَعــدت
وطالَ بي دربُ السَفـَــر
أو أنتَ عنـِّي يا وطـَـن
أشَحتَ بسَمْعـِك والبَصَـر
وإسْتـَفضت في التنائـِـي
وأقـْصَتك ألاعيبُ الغـَجـَــر
عَيْش البُعَاد في التلاصُق

أقسَــى ما كان يُنـْتـَظـَـر
أن أحـْيَا بين أضْلـُعـِــك
كأني ميــتٌ قد قـُبـِــر

كأنــي مَنـْبــوذ سَجيــن
فـَريد البـُـؤس والقــَــدَر
جَامد الإحْسَاس والأفكــار
كأنـِّي هَيْكـَــل من حَجَــر
وحدي يـَتيم دون إخـْـوَتي
غريبٌ عن كل البشـَـــر
..
أتـُراك تـَذكـُر يا وطـَــن

وَعَـدْت حين وَضَعـْتنـــي
بمَا يُذْهـِبُ عقـْلَ الحَجـَــر

بقـَصْرٍ شَاهـِق البُنـْيـَــان
شـَامِخ عالــي الجـُـدُر
بسَرير نـَوْم كالمـِلــــوك
وغِطـَـاء من حـَــرير
وطـَعَام بإنـَاء مُفـْتـَخـَــر
ولم أنلْ منكَ الكَفــَــافَ

ولا فـَاضت عَطـَايَاك الثـَمينة
عن خـَزائِني والحُجـَــر
ما كان هذا يَهُمنــِــي
وما نـَعـَيتُ الحـَـــظ َ

ولا دمعُ عيني فـَاضَ كالمَطـَـر
فلستُ عَاشـِق للدَراهم
والريَاش ِ
ولست جَامِع للجَواهر والدُرَر
ورَضيتُ بالرزق المُقـَدَّر شَاكِرا
ولم أخـُضْ دَرب البَطـَــر
ما ضَرَّ روحـي يا وطــن
إنْ كان سريري من تـُـراب
أو غِطـَــائـي من سحاب
أو طـَعامـــي من كِسـَــر
قد كنتُ أهتـَــم
بكَوْنِك مُؤنِســِــي
خِلٌ تـُشَاركني مائدة السَهـَر
تـُنـَادمنى خـَمر المَحَبــة

في كـــؤوس مُتـْــرَعَة
بالتـَفـَاؤل وجَمـِيل الفـِكَر
تـُبَدد ظـُلمة وحْدَتــي
وتـُنيــرُ لَيْلـي الحــالك
بألْفِ طـَارق وقـَمـَــر
وتـَــزْرع مِخْدَعي أمـَـلا
يُنـَاجي الفـَرَحَ في حـُلْمــي
حتى تـَبَاشير السَحـَــر
فأُصْبح أجْـنِي حَصيدَتــي
من أطـَايب الثـَمـَـــر
بكونك لي يَا وطن شَمس
ضيَاهَا لي مَنـْبع
كُل الدُروس والعِبـَـر
فإن تـَغـَشَّتـْني رَجـْفات القـُنوط
وتـَمَلـَّكتـْني مُحْبـِطـَات
ظـَنـَنتـُهَا لا تـُقـْتـَدر
أفـَقـْتـَني بعَبير حُبك داخلي
وبحِكمَة هي مُنـْقـِذي
من كُل أنـْواع الخـَطـَـر
ووجَدتـُك كالأم الـــرَؤوم
حنـَانـُها ودفء أمَانهـــا
من حَولي قد إنـْتـَشـر
تـُمْسي تـُداوي عِلاتـــي
فأنـَام قـَرير القلب والنـَظـَر
وتطـْرق فوق أجْفـَـــاني
لتـُوقِظ مُهْجـَتي فـَرَحَا
حينَ يُنـْعِسُها أنينُ الكـَـدَر
..
هل يأتي يَومٌ يا وطـَــن
تخـْضـَّر فيه أوراقُ الشَجـَـر
وتـُضيئُ قطـْراتُ النــَــدى
حينَ تـَنـَفـُس الصُبـْــح
على أجْفـَـان الزَهــــر
فتـَغـْدوُ كل أيَامُك رَبيـِــع
نـَسْمٌ رقـيقٌ يَتـَراقص
وبَهَاء قد طـَلى كُل الأطـُــر
وتنسىَ مَاض قد رَحـَــل
ولم يَخـَلـِّف بعدهُ أي أثـَر
وتدوي صَهْلاتُ الخيـــول
تـُعانق تـَغريدَ الطيـــور
فتطغـَى على صوت الضَجـَـر
وتعود تـَسْكُن قِمـَتك
مُتـَرَفـِّع عن كل أحَمَق أَشـِر
داعيا كل الأحـِبة نحو جَنـَّاتِك
ليَنـْعَموا مُتقـَابلين على السُرر
مُشْفِقا على كل رَاغب
قد ضَلَّ سَيـْره نَحوك
أنْ يَسْكن قـَعر سَقـَر
وتـَعـُود تملأ سَاحَتي بقـُلوب
قد أذابت فيـــك
زَهْرَات العـُمـــر
سَرِّع خـُطـَاك يا وطـــن
وأكْسَر قيودك وإنـْتـَفِض
فزَمَانـُنـَا بما يَكـْفـــي
علينا قد صَبـَر
سرِّع خـُطاك يا وطـــن
فبقـَايَا عُمْري في إنتظار

هَاهـُنـَا
مـُنذ الصِغـَــر
..
...

الثلاثاء، أكتوبر 16، 2012

تبـَـاريحُ هـَوى


هذه الكلمات هي لحظة هروب من البلاوي المتراكمة من حولنا!
..
الليــلُ جـاءَ يَصْحَبهُ السهـَـــــرُ
بالسَعـْدِ والحُـبِ يُمَنِيِنيَ العُمــرُ
السِحــرُ طـافَ ببيتــي فطَوَّقــهُ
والقلـبُ وقفَ بالبـابِ ينتظـــــرُ
فقد طـَالَ عليه غِيابُ الحبيـــبِ
وبدأَ بالـروحِ الشَـوقُ ينتشــــرُ
سَألوا كَثيراً عن آسرَ مُهْجَتــي
وكيـف قد خفــيَ عنهمُ الخبـــرُ
لو يَعلمون ما أعَانـي مُسْتـَتِـرا
لقـَالوا حَكِيـم مِنْهُ تـُؤخذ العِـبَـرُ
جَلـْـدٌ على مُر الزَمَـان وقـَهْــره
وفــي التـَنـَائِي عـَـدُويَ الصَبـْرُ
نـُورٌ هـي إذاَ مَا الوجودُ أظـْلــمَ
وأولو النـُهىَ من ذِكْرهَا سَكَروا
أأحـْتـَملُ وأنا الضَعيـفُ رشَــادهُ
فـُرَاقـَهَـا إذا ما حـَمَلني السَفـَــرُ
أم أقـْطـعُ سُبُلَ الوصول لرَبْعِها
تـَقودُني عَيْناهَا ويَحُثني الصَدْرُ
أتَنَفـَّسُ أنْسَامَ عِطـْرهَا مُنْتـَشي
ودَلالـُهَا من حَولي يُغازلهُ البَدْرُ
فكيَاني قد أعَادت رَسْمهُ بخَطِها
وبالفـُؤاد طـُبـِع من حُبـِهَا أثـَــرُ
أناَ لـَم أُجـَن ولـَكِنِّي قـَد أُصْبِــح
ولـِي فِي ذلـِكم إنْ حـَدَثَ عـُــذرُ
فمُنذ أمْسـي قد جَافَانى وَصْلُـهَا
وأطَال أوْقـاتي في بُعْدِها الـدَهرُ
تـَبْغي الأنـَامُ لو تـَسْهو الأيـَــامُ
فيَجـْمُدُ الزَمَـنُ ولا يَأتي الكِبـَــرُ
فيَظـلُ حَالُهم كَمَا عليهِ أقـَامــوا
وفَائضُ نِعْمَةٍ لو أنَّهُم صَغـَـروا
أما مُتيَمُكِ المُعـَنَّي بألوان الألـم
يَبْغي الخِلافَ فقد شَجَّهُ الضَجـرُ
أنْ تُهَرول شَمسُه نحو الغـُروبِ
وحين جَنُّ الغسَق يَهْجم السَحَرُ
وأنْ يَقـْتـَطِع ما عَاشَهُ من قَبْلِكِ
فيُضِفـْهُ للقـَادم إنْ طـَاعهُ القـَدَرُ
كأنِّي قد بُليت جُمْلـَة بمَصَائبـي
فمـَتىَ يــارب حِرْمـَاني يَنـْدَثـِــرُ
فلا حَــديث بيننا يُطـْفي اللَهيبَ
ولا ارْتـَوى من لَحـْظِهَا البَصَــرُ
حـَسْبـِيَ منْهَا صـُـورة بخـَيـَالي
أخـْشَى عليهَا أنْ تـُسْدلَ السُتـرُ
تُطـَالبوني بمَا لا يُجيدهُ الصَّــبُ
ولكنِّي سَألْقـِي ما جَادَ بِهِ الفِكـْرُ
أبَــوْحٌ بوَصْفٍ أم بإسمٍ يكفـِـــي
وإنْ كَان كلاهُما سَيـَشفهُ القَصَرُ
واللَّومَ من نفـْسي على التقصير
لن أنْجو منْه لو سَاء مني الذكْرُ
سَأُعلِـنُ علـى المـَـلأ إعـْتـــرافي
فهذا يكـْفي لمـن خِلـَّهُ اليـُسْـــــرُ
أحِبُهَا ورَاغبٌ عَن كُل من دونها
وحَنيني فـاضَ وماعٌدت أصْطَبرُ
أمِيــرةٌ هـي من أسَاطير الأولين
ولن يَقـْوى علىَ وصْفِها الشِعـرُ
..
...


الاثنين، أكتوبر 15، 2012

الصغير والبحر

هُمَّا خمسة جنية مافيش غيرهم،الكيلو بإتنين ونص، يا تكملي لف في الحر بقى إنتي حُرة !!
قالتها السيدة لبائعة السمك التي كانت تحمل على ذراعها اليمنى وعاء بلاستيكي به بعض السمك الذي تبيعه.
سمعت بائعة السمك السعر الذي عرضته عليها السيدة ونظرت إلى السمكات في الوعاء وقد بدى عليها الأسى من ذلك الثمن البخس المعروض عليها،والذي لا يساوي أبدا مقدار تعب رَجُلها الصغير من الفجر حتى الظهيرة، فأعادت فرد قطعة القماش البالية المبللة بالماء-أو التي كانت-على السمكات كي تحميها من حرارة الشمس،وهنا فهمت السيدة أن السعر الذي عرضته لم يُعجب البائعة،فهَمَّت بالكلام وتوقعت البائعة أن ترفع السيدة السعر قليلا،و لكن ماحدث أن السيدة قد قالت :
إنتي حُرة،السمك كتير وأنا هانزل أجيب من على البحيرة!
فما كان من البائعة إلا أن خفضت رأسها في حزن ثم رفعته وقد أذعنت،وسألت السيدة : معاكي كيس ؟
- فأجابت السيدة بلهجة إنتصار :
لا، الدار أهِه ،هاتي وأنا أفضي السمك وأجيبلك المعجن1
...
- سيبيني أروح البحر!
كانت هذه أخر جملة نطقها في حُلمه بعد أن إنتبه على صوت أمه توقظه.
   
     كان الفجر قد بزغ وبقي القليل من الوقت على أشعة النهار كي تنسكب على صفحة الكون، وهو في طريقه وحده إلى البحيرة، كان يحمل غلق به طعامه وبعض عدة صيده التي كان قد جلبها معه بالأمس إلى البيت لإصلاحها، أمه أيقظته متأخر قليلا هذا الصباح، لقد إعتاد أن يستيقظ وحده في ميعاده، و لكن البرد خارج المنزل قد جعل دفء الفراش يُسكره و يُذهب وعيه ويُنسيه ميعاد إستيقاظه، إلى أن أيقظته أمه، هو إبنها وراجلها بعد أن توفى أبوه في ليبيا إثر غرق المركب التي كان يعمل عليها، فما كان منه وهو الصغير الذي قد تخطى العاشرة بقليل إلا أن يتولى مسئولية المنزل ويذهب للصيد في البحيرة على الفلوكة التي تركها له أبوه، وما يخرج من صيده يعيش به هو ووالدته وأخوه الصغير.
كان الجو بارد، خاصة في تلك الساعة من الفجر، و الهواء رغم أنه يكاد يكون ساكن إلا أنه من وقت لأخر كان يهب صافعا وجهه بموجة باردة يتصلب من أثرها خداه، فهما تقريبا الجزء الوحيد الظاهر من وجهه فقد إرتدى فوق رأسه كَلَبوش2 صوف كانت أمه قد إشترته له من سوق الأربعاء، ولف حول رقبته وبقية وجهه كوفية أبيه الراحل، ولكن كان هناك أيضا جزء منه قد تصلب تماما تقريبا، إنهما قدماه وأصابعهما التي قاربت على التجمد من شدة البرد، فقد كان ينتعل حذاء بلاستيكي رخيص يظنه يجتذب البروده ثم يحقنها في قدميه!
تخطى الطريق الإسفلتي الفاصل بين البحيرة والبيوت، ثم نزل سور البوتن الخرساني الذي كان قد بُني ليحجز ماء البحيرة، ثم بدأ يقطع تلك الساحة الشاسعة التي تم تجفيفها بطول ساحل البحيرة، طغيانا وذبحا وتعذيبا لها، قالت له والدته أن ماء البحيرة في الشتاء كان يصل لمنزل الشيخ مصطفى، والذي يبعد عن منزلهم بما يقارب المائة متر، وهو ما تعجب له كثيرا خاصة وهو يرى البحيرة قد تم التهامها بهذا الشكل حتى أنه قد يأتي يوم وتنتهي وتمحى من الوجود، وفكر أنه ساعتها سيذهب حتما الى البحر ولن تستطيع وقتها أمه أن تعارضه، فلم يعد هناك بحيرة!

   وصل شاطئ البحيرة أخيرا، كان أول ما أعتاد أن يفعله أول ما يصل إلى فلوكته هو أن يفحص مخبأها جيدا، فربما به شئ ما!
كان لا يخشى العفاريت ولا يتوقع أن يجد عفريت، و لكنه إعتاد أن يفعل ذلك وهو يضحك بعد أن سمع من أمه قصة قريبه الذي بعد أن كسع3 بفلوكته حتى تَوَّسط البحيرة، فإذا به يرى كلب ضخم يخرج له من مخبأ الفلوكة، ويبدو أنه كان قد قضى ليلته في دفء المخبأ ولم يخرج إلا بعد طلوع الشمس، وكان صاحبنا قد وصل إلى وسط البحيرة، كان قريبه هذا يخشى الكلاب جدا، وعندما رأى الكلب تمَلـَّكه الفزع وحاول أن يضرب الكلب بالمِدْرَة4 ليوقعه في ماء البحيرة ويتخلص منه, ولكن ماحدث هو أنه عندما هَمَّ برفع المِدْرَة حتى توقع الكلب ما سيحدث، فإذا به يزمجر بشدة،وكأنه قد لاحظ خوفه منه فأعاد الزمجرة ونبح بجنون وعنف!
فإذا بقريبه هذا يرفع يده للكلب ويقول بإستسلام :
لا تزوم ولا تلوم زي ماجبتك أوديك!5
ورجع به إلى الشاطئ!
..
إنطلق بفلوكته بعد أن تأكد من خلوها من أي كلاب وبعد أن جهزها وتأكد من تمام عدة صيده، ثم بدأ بالتوجه نحو مناطق معينة ليرمي فيه غزله6، كان نور الشمس قد بدأ يضفي حمرة على الأفق الشرقي للسماء معلنا عن إقتراب ميعاد الشروق، أما الأفق الغربي فقد كان ملبد ببعض الغيوم القليلة، فالجو رغم برودته لا ينبئ بسقوط أمطار، وسيكون حار في الظهيرة، كان قد إكتسب خبرة الصيادين في التنبؤ بحالة الجو، فبمجرد النظر في الأفق يستطيع أحدهم أن يعرف كيف سيكون الجو اليوم، بارد أم حار،أهناك امطار أم لا، هل سيكون هناك عواصف أم مجرد رياح خفيفة.
بدأت خيوط النهار تنسلخ من ستارة الليل الحالكة لتضفي على الدنيا حلة من نور وضياء، كان يشعر بالبرد ولكن المجهود الذي يبذله في التجديف قد أجرى الدماء دفاقة دافئة في عروقه ونضح دفئها على جسده فشعر بالدفء، وها هي الشمس قادمة ببهاءها ونورها وضياها لتدفئ وتنير أوصال الكون من حوله، كان يرى كثيرين من حوله كُلا في طريقه إلى مكان صيده، كان يلقى على بعضهم السلام وتحية الصباح وكان بعضهم يلقي عليه التحية، كان هذا هو المجتمع الأخر بعاداته ومصطلحاته وتحياته والذي لا يحياه إلا هم، مجتمع الماء وما يختلف به عن مجتمع الشاطئ، فهنا كل شئ مختلف وله طريقة ومذاق ومتعة أخرى، وإن كان هو رغم قبوله بهذا العمل والصيد في البحيرة، إلا أنه لم يتخلص من ذلك الحلم الذي يطارده، حلم الصيد في البحر.
  وصل إلى مكان صيده وقد إرتفعت الشمس قليلا فوق خط الأفق وبدأت تنشر أشعتها على صفحة الماء الفضية لتزيدها سحرا وجمالا، كان يصطاد في مكان قريب من جزء قد نبت فيه البوص بشكل هائل، ذلك البوص الذي قد بدأ يطغى على البحيرة من الداخل ويقابله الناس في الطغيان عليها من الخارج حتى فكر أنه قد يأتي يوم ويقول لأبناءه، كان هنا بحيرة أقوم بالصيد فيها!
كانت تلك البقعة من البحيرة قد نبت فيها نبات الحامول الذي يجذب بعض أنواع الأسماك للعيش فيه، فبدأ يفرد غزله في الماء بشكل دائري وهو في منتصفه، وبعد أن إنتهى بدأ يضرب الماء بمدراته وهو وسط حلقة الغزل محاولا إثارة الأسماك كي تبدأ بالهرب فلا تجد إلا شباكه فتعلق بها!
فعل ذلك وانتظر قليلا، ثم بدأ يرفع الغزل من الماء، وكله أمل أن الله سيرزقه بصيد وفير، بدأ في لَمّ الغزل وهو ينظر لما علق به من أسماك، لم يحزن عندما لم يجد إلا سمكات قليلة رمى الشِر7 منها في الماء مرة أخرى، فقد كان يعلم أنه لن يحصل على صيد وفير من شَلـْبَة8 واحدة، فهو قد يقوم بهذا عشرات المرات، فالصبر كما قال له أبوه كثيرا هو مفتاح فرج الله، فلابد أن يصبر وأن يواصل، ولكن لابد له أن يوقن أيضا أنه لن يأخذ أقل أو أكثر من ما كتبه الله له من رزق. وبالفعل بدأ في رمي غزله مرة أخرى، وأخرى، وفي كل مرة كان يأتي له بالقليل. يسترجع حواديت أمه التي كانت تخبره فيها أن أباها كان يصطاد بالحبل، وهو نوع معين من الحبال يتم جدلها من خوص سعف النخيل، ويقف إثنان في الماء وقد أمسك كلا منهما بطرف من الحبل ثم يبدأون في سحب الحبل إلى الشاطئ، حتى إذا وصلوه وجدوا عشرات الكيلوجرامات من الأسماك قد علقت به أو خرجت إلى الشط أمامه، فما بالك بمن كان يستخدم الشباك؟!
أما اليوم فالبحيرة قد أصبحت خراب وأصيبت بالعقم.

    بعد أن غير مكان صيده وقام ببعض الشلبات، شعر بالجوع، فأخرج الأكل وبدأ يتناول طعامه، كان عبارة عن خبز طري كانت أمه قد صنعته في البيت، وقطع من البطاطس المقلية كانت أمه قد أعدتها له في الصباح، وقطعة من الجبن. إبتسم، وربما ضحك عندما تذكر ذلك اليوم الذي قضاه مع والده منذ سنوات،عندما خرج معه هو ومجموعة صيادين على مركب أضعاف أضعاف حجم فلوكته هذه،عندما قاموا بطبخ جعليصة9، لم يكن يعلم عادات الصيادين ولم يكن يعرف بعد غرائبهم، وما رأه يومها رغم أنه كاد أن يصيبه بالجنون إلا أنه ضحك منه جدا، فبعد أن أعلن الطباخ أن الطبخة قد طابت ونضجت، إجتمع الصيادون من حوله، فأنزل الحلة10 من على النار، وتوقع هو أن يقوم الطباخ بغرف الطبخة في طبق كبير ليبرد قليلا ويوزع على كلا منهم ملعقة ليأكل بها، فالطبخة كانت ملتهبة فقد نزلت من على النار من ثوان فقط، ولكن ماحدث هو أنه ما إن رفع غطاء الحلة إلا وقد إمتدت كل الأيادي تكبش منها وتلقي بحمولتها من الجعليصة في ألأفواه مباشرة، وكأنهم هم وأفواههم وحلوقهم قد إعتادوا على أكل وإبتلاع النيران، أما من هو فيهم خِرع11 فقد كان يكبش الكبشة بيده ثم يمررها في ماء البحيرة لتبرد قليلا ثم يلقيها في فمه مباشرة!
يومها لم يأكل أي شئ فكيف له أن يأكل في وسط هذه الحرب، وعندما قال له أبوه: كٌل!
قال له :
أنا شبعت من الفـُرجة عليكم!
..

وجد أن الوقت داهمه ولابد أن يخرج ليعطي ما صاده من سمك لأمه لتبيعه قبل الظهر، خاصة أنه قد لاحظ أن بعض الصيادين من حوله قد بدأو يخرجون، ولابد أن أمه في إنتظاره على الشاطئ الأن. نظر في غلقه ليقدر ما أصطاده، ليس بالكثير ولكن لابد أن يخرج الأن فقد أزف الوقت وهذا هو رزقه، فبدأ برفع اخر شلباته والتي لم تأت له بالكثير ولكنه أسعده، ثم أدار فلوكته وفكر أن يرفع شراعه الصغير ليُريح ذراعيه من التجديف قليلا، فالريح رغم أنها تكاد لا تتخطى النسمات ولكنها قد تقود فلوكته الصغيره على صفحة المياة الناعمة حتى توصله الشط، فنصب قطعة من الخشب كساري في موضع معد لها، وعلق بها شراعه الصغير وربط طرفه الأخر في موضع على سطح الفلوكة، وبدأ الشراع يمتلأ بالهواء الجنوبي الغربي الناعم، فبدأ يشعر بنشوة غريبة، وبدأ قلبه يمرح داخل صدره، وبدأ صدره يتنفس النسمات كما لم يتنفسها من قبل، فبدأت الفلوكة تنساب برشاقة على سطح الماء متجة إلى الشاطئ.
ربما هو يحلم ليل نهار بالذهاب إلى البحر، وأمه تعارضه، ربما تخشى عليه مصير أبيه، على الدوام يغضبه هذا، ولكن في تلك اللحظات الساحرة والتي يعيش إحداها الأن، يوافق أمه تمام الموافقة في عدم الذهاب للبحر، فللبحيرة سحر آخر.
====================================

1- الوعاء.
2- طاقية.
3- إنطلق.
4- المجداف.
5- لا تزمجر ولا تغضب،كما أتيت بك إلى هنا سأعيدك إلى الشاطئ مرة أخرى!
6- شباكه.
7- السمك الصغير.
8- عندما تضع الشبكة في الماء وتخرجها تُسمى هذه شَلْبَة.
9- هي طبخة عبارة عن أرز وشرائح بصل وصلصة طماطم طازجة،يتم سلق البصل قليلا في الصلصة مع إضافة بعض البهارات،ثم بعدها إضافة الأرز وتقليبه جيدا مع البصل والصلصة وتركه على النار ينضج.
10- قدر الطبخ.
11- ضعيف.

الأربعاء، أكتوبر 10، 2012

اللغة كقوة إقتصادية


ربما مشاركتي في يوم النهوض باللغة العربية قد لا أتناول فيها فكرة اللغة كقيمة في ذاتها بل-قدر المستطاع-إستخدامها كثروة يجب الإستفادة منها وإستغلالها.
يقول الكثيرون أن اللغة بجانب كونها أداة تواصل، ورمز من رموز الوحدة، تنطوي على قيمة، مثلها مثل إمتلاك النقود، يمكنها ان توسع مجال العمل والإستثمار بين الأفراد والدول.
ربما من أهم أسباب النجلزة والفرنسة التي نجدها حولنا في الشوارع في لافتات المحلات والمطاعم والإعلانات وغيرها، هو إقتناع من يقوم بهذا هو أن هذا هو السبيل الأمثل لترويج سلعته في مجتمع قد بحث عن كل غربي وعافى كل عربي. وما هو إلا متبع لطريقة إقتصادية تمليها عليه متطلبات السوق!
فعلى حد تعبير الدكتور محيي الدين عميمور، نجد بعض بلادنا قد تخطت مرحلة الفرانكفونية ووصلت إلى مرحلة الفرانكومانيا(الهوس بالفرنسية) الممتزجة بالأرابوفوبيا(رهاب العربية)!
وهنا تكمن أهمية اللغة إقتصاديا، يجب ان تدعم اللغة بدعمها في المجال الإقتصادي وليس في المجال الثقافي والتعليمي وفقط، ومن القضايا الشهيرة جدا في فرنسا قضية المواطنين الذين رفعوا قضية على إحدى شركات الدخان( شركة سيتا) وذلك لأنها إستعملت الكلمة الإنجليزية filter  بدلا من الفرنسية filtre وبالفعل ربحوا القضية وتم إتلاف كل الأغلفة التي تحوي الكلمة الإنجليزية وتم إبدالها بالكلمة الفرنسية!
عندما تكون اللغة مدعومة إقتصاديا وعلميا تسود وتنتشر وتؤثر فنجند أنه من أعظم الأثار لفترة إزدهار العرب بالأندلس هو أنها قد أثرت بشكل أو بأخر في اللغات الأوروبية،ونجد أن معظمها قد اخذ عن العربية الكثير من أسماء النباتات والفاكهة، ونجد أن مفردات اللغة الإسبانية-طبقا لخبراء اللغة-ربعها من أصول عربية. ولكن ما تبع ذلك من إضمحلال للعرب جعل اللغة العربية أيضا في هبوط،على المستوى العالمي وأيضا على المستوى المحلي، وكان هناك من لديهم يقين أن لغتهم سترتفع بمرور السنين وسيكون لها شأن وستغزو العالم وذلك لأن أهلها في صعود إقتصادي وعلمي، فنجد مثلا اللغوي الأمريكي الشهير Webster وبستر، صاحب القاموس الشهير الذي مازال يطبع حتى اليوم قد قال في تصديره لمعجمه حين طبعه في عام 1806 " بعد خمسين عاما من الأن سوف يتحدث الإنجليزية الأمريكية أناس أكثر من الذين يتحدثون لهجات اللغة الأخرى، وخلال مائة وثلاثين عاما سوف يتحدثها أناس أكثر ممن يتحدثون أي لغة أخرى على الأرض بما في ذلك اللغة الصينية "
وهذا ببساطة ما تحقق وما نعيشه الأن!
بكل تأكيد كلنا عليه دور في بعث وإنعاش اللغة العربية، كأفراد وكمؤسسات، ولكن لايجب أن يكون دور الحكومات-وهي دوما الأقوى والأقدر على التأثير بشكل سريع لتوافر الإمكانات لديها- هو وضع اللغة العربية كاللغة الرسمية للدولة في الدستور وفقط، ولا الإهتمام بتدريسها في المدارس والجامعات وفقط، بل يجب أن يكون هناك قرارات رادعة بإستخدام اللغة العربية في كل شئ في الدولة، في عناوين كل المنتجات المحلية وكل المحلات والمطاعم ..إلخ، أي أن نجعل للغة دور إقتصادي لا دور ثقافي معرفي وفقط،وهو بكل تأكيد ما سيدعمها ويقويها.
إلى جانب دور اهم ألا وهو، تصدير اللغة، ربما نحن العرب لم نسمع عن هذا المصطلح وربما من سمعوه لم يستطيعوا تطبيقه، فلابد أن يكون هناك حقيبة وزارية أو حقيبة تابعة لوزارة الخارجية يتم تموليها بكرم من أجل ترويج اللغة العربية ونشرها على أوسع نطاق، وهذا ما تفعله دول عدة، ولتأخذ ألمانيا على سبيل المثال، فوزارة الخارجية الألمانية لديها قسم لترويج اللغة الألمانية ويخصص له حوالي 50% من الميزانية الثقافية لوزارة الخارجية، وذلك لنشر اللغة الألمانية، بالتعاون مع هيئات وسيطة لتحقيق هذا الهدف، مثل معهد جوته والهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي(daad) وغيرها، وأنا شخصيا تعلمت الألمانية- او ماوصلت له فيها لأني إنقطعت- من خلال دورات الإذاعة الألمانية (Deutsche welle ) و قد إرسلوا لي اكثر من مرة كتب دورات اللغة وغيرها من الكتب عن ألمانيا واللغة الألمانية وكل ذلك مجانا ليساعدوني في تعلم اللغة!
كذلك نجد في فرنسا أنهم قد وعوا إلى خطورة الغزو اللغوي ودوره في تدمير الإقتصاد، فنجد مثلا أن أحد الوزراء عندهم ذات مرة صرح بأن( الإحتكار اللغوي الأنجلو-أمريكي هو بمنزلة إفقار ثقافي غير مقبول، وأن سياسة تنويع تدريس اللغة الأجنبية هي مكون أساسي للقوة الإقتصادية الضاربة لفرنسا). ونجد وزير التجارة الخارجية الفرنسي، ميشيل جوبير، صرح بأن بيع اللغة الفرنسية إحدى أولوياته!
وهو ماظهر بعدها في شكل إنشاء الحركة الفرانكفونية من أجل ترويج ونشر وبيع اللغة الفرنسية!
ونحن العرب ماذا نفعل للعربية؟!
...
اللغة- كما يقول دكتور عميمور-عنصر رئيسي من عناصر الهوية الوطنية،والقاعدة الرئيسية لأمن البلاد القومي، وكذلك هي إسمنت الوحدة الوطنية التي تعطي لأي بلد قوته الحقيقية في مواجهة الأخر والتعامل معه بمنطق الندية، والتمسك بها في حد ذاته تجسيد لهيبة الأمة وتعبير عن كرامتها، ورمز لمكانتها ودعم لإرادتها عندما تتصارع الإرادات الدولية.
...
تتبع بعض الدول في نشر لغتها منهج ذكي جدا، فنجد مثلا أن من يقومون على نشر الألمانية حول العالم يقومون بتوحيد المناهج الدراسية، فنجد أن ما يدرسه الشخص في مصر هو نفس مايدرسه الشخص في نيجيريا و نفس مايدرسه الشخص في كوبا أو أستراليا، وهذا يصنع نوع من الإنسجام بين دارسي اللغة وكأنهم درسوا في نفس المدرسة وفي نفس الفصل!
نحن كدول عربية في حاجة إلى إنتهاج نفس المنهج لوضع منهج موحد لتعليم العربية ونشره في كل الدول، ودعمه بكرم، وكذلك صنع و إيجاد ما يدعم اللغة إقتصاديا فهذا أضمن سبيل لإستمرار تقدمها وإنتشارها.

ولكن ربما مجتمعاتنا العربية جميعها تعاني من مشكلة إنفصال-بنسب مختلفة-بين اللغة المكتوبة في الأدب والصحافة و اللغة المحكية بين الناس وفي وسائل الإعلام،ورغم أن- بحسب د.عميمور-العامية بلكانتها ولهجاتها يمكن أن تكون مصدر إثراء للغة الفصحى، فإن اللغة الفصحى هي دعامة الوحدة اللغوية،وهي التي تجعل من الشعوب أمة.
وعليه فيجب رأب الصدع القائم بين اللغة المكتوبة والعامية، وهذا له علاقة وثيقة بالأمية المنتشرة في بلادنا فعلاقة المواطن المحدودة بالقراءة والكتابة تسفر عن إزدواج لغوي، حيث تتطور العامية غير متأثرة باللغة الأدبية، ووجود لغة عامية لا علاقة لها باللغة الفصحى يزيد الهوة والفجوة بين الأمة وبين لغتها وبالتالي يؤثر في قوة ترابطها مع الشعوب التي من المفترض أنها تشاركها نفس اللغة والمفروض أنهم أمة واحدة.
..
ربما من حظنا كأمة، وهي نعمة كبرى من الله، أن جعل لنا دستور وكتاب يحافظ على وحدتنا اللغوية وهويتنا العربية، وهو القرآن الكريم، الذي أنزله الله بلسان عربي مبين، والذي يمثل لنا مرجع نلتف جميعنا حوله ونرجع إليه حين الخلاف، ولكن هذا ليس كافي، فنحن في حاجة إلي تقوية لغتنا العربية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة التقارب والترابط بيننا وهو ما سيزيد من قوتنا ومنزلتنا بين الأمم الأخرى.
بقي فقط أن نستغل هذه النعمة وأن نتشارك في النهوض بلغتنا العربية، كلا بما يجيده وبما يستطيعه.
===================
المراجع:
- اللغة والإقتصاد. فلوريان كولماس. سلسلة عالم المعرفة،الكويت 2000
- ربع مفردات اللغة الإسبانية من أصول عربية. سلمى الحفار الكزبري. مجلة العربي، يناير 2003
- راهن اللغة العربية في أوطانها. د.محيي الدين عميمور. مجلة العربي، مايو 2012
..
...
كل الشكر للأستاذة كريمة سندي صاحبة مدونة تيا فهي صاحبة الفكرة والداعية لها.
..

الثلاثاء، أكتوبر 09، 2012

مقتطفات

من أقرب الأحباب لي رغم بُعد المسافات،أخي وصديقي وأستاذي الشاعر العراقي العظيم رياض شلال المحمدي،فهو قمة من قمم الأدب العربي المعاصر، وقمة في الخلق والسلوك، فبجانب عظمته كشاعر في قامة الجواهري وشوقي والبارودي، تجده متواضع جدا و ودود جدا،وكريم في الشكر والمدح والتشجيع.
دوما كان يشجعني لأكتب الشعر، وأقول له أنني لست بشاعر ولن أكون، وما أكتبه في العادة لا تتبع القصيدة فيه بحر شعر بعينه بل هي تتقلب بين البحور و التفعيلات، ويقول لي أن أمير الشعراء شوقي قد قال بيت يغنيك عن قول كل ما تقوله، وذكر لي بيت لأمير الشعراء لا أتذكره،ولكن معناه هو أن الشعر بغير روح ومعنى وفكرة هو محض وزن وقافية لا أكثر, فالمهم أن يكون هناك روح في الكلمات وفكرة تحاول التعبير عنها، فإن صاحب ذلك موسيقى متتابعة بتتابع القصيدة وقافية موحدة فذاك جميل جدا ولا يعيب شعرك بكسره لبحر الشعر أو عدم توازن الأبيات والشطرات.
وهذا ما شجعني على الكتابة والنشر، صحيح بدأت الكتابة منذ زمن بعيد ولم يكن يعنيني ما سيقوله الأخرون عن شعري فلست أسعى للإحتراف، ولكني كنت في حاجة لدعم ما لأستمر حتى وإن كان مقصدي وغايتي هو الكتابة وفقط وليس أن أصبح شاعر يشار له بالبنان!
..
هنا بعض أشياء كنت كتبتها كتعليق أو مجاراة أو معارضة لما كان ينشره أستاذي رياض على صفحتي أو على صفحته، وهو ماكنت أنال منه عليه الكثير من المدح والتشجيع رغم معرفتي الجيدة بجودته!
..

إن التواضعَ شيمة العـُـــ    ـظمــاء والخـُلق الرفيــــع
تُشنِّف الآذانُ منكَ بلاغــ    ـة قولهـم والكَـلِمُ البديـــع
يُدنونَ منك السَحَابَ بحَــ    ــثهِم وصَــادق التشجيــع
فأغفر لي ذنبي وليس لـ    ــي إليكَ إلا حُبــي شَفيــع
أني قد أساتُ لفن أنتَ فـ    ــيه سيــدٌ واستاذ ضليــع
أيسبقُ-أستاذي-ركضَ الـ    ـجيادِ حَبْوُ طفل رضيع؟!
..
...
قد غبتَ عنا وطــَـال إشتياقـِـي
وذكرىَ الأحِبةِ للشَوق تريَاقـِي
تجَاهلَ القدَرُ ضَرْعِي ودعَواتي
وأسْبـَــلَ عليا عَبَاءة الأشْفـَـاق
لكنَّ قلبي الوالِه لن يسْتريــِــحَ
إلا بصَريح قـُربٍ وتمَام تلاقـِي
..
...
أما اللسانُ فينطقُ بلبِ مَطْمَعـــي
أنْ يُوصِلكْ وداً يَحْتــرّ بضلوعـي
فجِنــان ودك هي سَاحةُ مَرْبَعـــي
حينَ وصُولِها يسْتحيلُ رُجوعــي
أمِنْ بـَـعْد فـرْدوس هي مَرْتعـِـــي
أهبــط لأرضِ ما بَكتْهَا دُموعــي !
..
...
جاءتني بَاسِمة تحملُ كُل ما أهْـوى
ما جَال في الحُلم أو خَطرَ بالنَجْـوى
فعَوَّضَتنِي عن كل ما أشْقىَ الفـُـؤاد
وأسْكَنت فـَرَحِي بعد القـَاع بالأعْلى
وجَالت عينِي تـُغـَازلُ كل ما حـَوْلي
لِتـَعْلم سَلْمَى ما كنت للَحْظةٍ أعْمَى !
..
...
ولي عند الأماني اذا ما جاءتني سؤال-----أن تُطوى بيا الأرض ببحارها والجبــال ِ
فأدنو من صديق طـــال شوقـي للقيـاه-----وأحترت كيف أصف فيه طيب الخــصال ِ
حبانــي الله نعمــــة أن اكون خليلـــه------والمرء-قال نبينا-على دين من يــــوالي
أخبره ربـــي اني فيـــك قد أحببتـــــه-----هو بالفالوجة يسكن واسمه رياض شلال
..
رَحيمٌ بالعِبَاد مُجيبٌ لمن دَعَاهُ
لـَطـِيفٌ إذاَ مَابَطـَشَ قـَضَـــــاهُ
إنْ رَاحَ بَعْض ما أعْطىَ فأبْشِر
وأنـْتـَظـِر فـَيضَ مَا تـَمْنح يَدَاهُ
مَا أخـْتـَرنَاهُ نَحـْنُ ظـَناً بحُسْنِه
سَنـَعـُفـهُ إذاَ مَا رَبَحـْنَا عَطـَايَاهُ
..
...
قـَلـْبـِــي شـَاخصٌ إلى السَمـَـاءِ
واللـَّـــهُ أعـْلـَـمُ بـِمـَـا تـَمَنـَّــــى
لِقــَــاء الأحِبـَّــة لـُـب الدُعــــاء
ولـَن تـُجـْدي دونه أي سَلـْــوى
لـَكِنَّ صَبـْـــرا فـَحيـن اللـِـقــَـاءِ
سَتصْفو الحَياةُ وتُحَلّق النَشْوَى
..
...
نعم هو لا يعرف هذا المكان ولا يعرف انني أنشر فيه،ولن يقرأ هذه الكلمات، ولكن هذا لا يهم في شئ، فأحيانا ليس المهم التعبير عن الإحساس والشعور للشخص نفسه، خاصة في الصداقة والإخوة في الله، وخاصة إذا كان هو يعلم ذلك وأنت قد عبرت عنه له من قبل، بقدر ما أن المهم هو أن يعرف الأخرون أن في حياتك شخص تحبه في الله وأن له أفضال عليك تقدرها جدا مهما صغرت أو كبرت.
كل الود والحب والتحية لك أستاذي وأخي وصديقي الغالي رياض شلال المحمدي.

السبت، أكتوبر 06، 2012

هل كان سيحارب و يسعى إلى النصر؟!

أنشأت المدونة في يوم السادس من اكتوبر عام 2007،ونشرت يومها أول تدوينة لي، ثم في اليوم التالي نشرت ثاني تدوينة،ثم تبعتهما بتدوينتين، ثم إنقطعت لفترة تتخطى الأربع سنوات!
ثاني تدوينة كانت يوم السابع من اكتوبر وكانت عن حرب اكتوبر،وقتها كنت جديد في عالم التدوين، ربما كان أسلوبي وكانت -ومازالت- كتابتي بها أخطاء، ولكن أظن أنه كان دوما هناك فكرة!
اليوم وبعد سنوات تصل للخمس،أعيد نشر هذه التدوينة بنصها بدون أي تغييرات في أي شئ، ربما الوضع الأن تغير عن وقت نشرها الأول،ولكنه لم يتغير ربما بنسبة كبيرة او بنسبة تشكل فارق كبير، ولكنه تغير وطالما بدأ التغيير فلن يتوقف، وأملنا في أن الغد أفضل يكاد يكون يقين، فقط فلنحب الوطن ولنعمل بجد وإخلاص كلا في مكانه ومجاله.
رحم الله شهداء اكتوبر العظام،والعزة والكرامة والمجد لكل من شارك فيها أو عاشها.
..
إمبارح كان 6 أكتوبر , ما خدتش بالك ؟ !!!, زمان عندما كنا أطفال صغار , تلاميذ في إبتدائي , كنا نفرح كثيرا" عندما يأتي يوم 6أكتوبر , بل كنا ننتظره إنتظارا" !! , لم نكن نعرف معناه ولا قيمته , على الرغم مما حكاه لنا مدرسونا , سوى أنه يوم ( قهرنا فيه العدو و دحرناه و حررنا أرضنا الغالية الحبيبة !! ) و سوى أيضا" - و هو الأهم بالنسبة لنا !- أنه ( عُطلة رسمية ) أي أجازة نستريح فيها من هم المدرسة , ونشاهد فيه ( أفلام الحرب ) التي ننتظرها كل عام بشغف , على الرغم من أنها هي هي !! , و لكنه كان شغف الأطفال !! لكن اليوم , كيف ننظر الى يوم 6أكتوبر ؟ و هل نشعر بقدومه , أو ننتظره؟ و هل مازال حتى الأن - منذ كنا أطفالا - يثير فينا الحمية و يشعرنا بالبهو و الفخر و الشموخ و الكبرياء ؟هل مازلنا ننظر إليه على أنه (نصر عظيم ) ؟ أم لا ننظر إليه على الإطلاق , و لا نراه , أو نتجاهله من الأصل ؟!!! قبل أن تشعشع الظنون بالرؤوس ,و قبل أن تصعد أسهم النوايا السيئة , أقول أنني لا أٌُهون ولا أٌحقر من نصر أكتوبر , و لكني فقط أتساءل , ماذا استفدنا - بعد كل هذه السنوات - من نصر أكتوبر ؟ هل عاد علينا نصرنا بما يعود به النصر لبلده المنتصر ؟ هل استغللنا نصرنا هذا بالصورة التي كان يجب أن نستفيد بها منه ؟ فما من دولة دخلت حرب و انتصرت أو انهزمت إلا و استفادت من نصرها أو هزيمتها , فماذا استفدنا نحن من نصر أكتوبر ؟ ماذا استفاد أبطالنا و شهدائنا الذين ضحوا بارواحهم , من نصرهم الذي حققوه ؟ أقهر عدونا , وتحرير أرضنا ؟ إنه لشئ عظيم !! ولكن ما أريد أن أسأل عنه حقا" هو , هل لو علم ذلك الجندي الصائم الصابر - أو ذلك الشهيد الذي ضحى بحياته من أجل حياة هذا الوطن - هل لو علم أن نصره سيرثه طُغاة و قتلة و احتكاريون و مصاصي دماء ولصوص وسجانون , هل كان سيحارب أو يسعى الى النصر ؟! , هل لو علم ذلك الجندي الصائم الصابر أن عدوه الذي طرده و ساقه أمامه ,حاملا" عدته و عتاده , و لابسا زيه العسكري , سيعود إلى حيث طرد ومعه أبناءه و احفاده , حاملين خمورهم و فجورهم , ومرتدين مايوهات أو عراة , و يحرم على أبناءه و أحفاده هو أن يطأوا ما حرره بدمه !! , هل كان سيحارب أو يسعى إلى النصر ؟!هل لو علم ذلك الجندي الصائم الصابر أنه بتخليص وطنه من غزاة أجانب , يتيح الفرصة لغزاة و استبداديين (و طنيين ) أن يحتلوا هذا البلد !! فينهبوا خيراته و يتقاسموه و يتوارثوه , ويستعبدوا أبناءه و يمصوا دمائهم و ينهبوا أقواتهم , و يكمموا أفواههم ,و يكبلوا ايديهم و يطردوا نبغائهم و يسجنوا شرفائهم , و يبيحوا أعراضهم و يدنسوا شرفه , وو ... هل كان سيحارب و يسعى إلى النصر ؟! هل لو علم ذلك الجندي الصائم الصابر , الصارخ من كل قلبه و بأعلى صوته , الله أكبر , أن سيأتي يوم و تكمم أفواه أبناءه , و يسجنوا و تهان كراماتهم و يعذبوا في مراكز ( خدمة الشعب ! ) , هل كان سيحارب و يسعى إلى النصر ؟ ! هل لو علم ذلك الجندي الصائم الصابر , ان كل ما سيبقى من ذكرى نصره ,.ما هو إلا كوبري و مدينة يحملان تاريخه ! , هل كان سيحارب و يسعى الي النصر ؟!!!!!! هل لو علم .............؟ , هل لو علم ........... ؟ هل لو علم ...............؟ هل كان سيحارب و يسعى إلى النصر ؟

الثلاثاء، أكتوبر 02، 2012

وطــن

كنت كتبت الكلمات دي من فترة طويلة، ونشرتها بعدها بفترة على الفيس بوك،يمكن ده مش عن مصر بس، يمكن عننا كلنا لأننا يمكن كلنا حاسين او حسينا في فترة من الفترات إن أوطاننا بتتقطع زي الفروع من شجرة وطننا الأكبر،وكأن الوطن جزع تم بتره وألقي بإمتهان على قارعة الطريق مستباح للغريب ولنا أنفسنا بكسلنا ولامبالاتنا، لكن دايما الأمل موجود ونتيجته قريبة جدا إن صاحبه العمل.
..

أنا جـِذع يَابـِــسٌ
مُلـْقـَى بإمْتِهـَـان
علىَ قـَارعة الطريـِـق
مُنتظـِرا دَوْري في الحَريـِـق
تـَدُوسني النِعـَــال
يَعوفنِي الذُبَابُ والجـُـرْذانُ
ويَسْتـَبيحُ حـُرْمَتـِـي
الخـَائِنُ والجـَبَــانُ
واللصُ ذو الرَوح الصَفيــق
لو لَمْ يبترونِي من شَجـَرتي
لو لَمْ يَذْبَحـوا عـِزَتـِــي
بسَيـف الخـُبثِ والتـَلْفيــق
لَبَقـيتُ أسْكُن قِمَتــي
ولصِرتُ مـَـارد طـَليــق
أنَاطِــح السَحـَـاب
وأصَارع أعْتـَى الريـَــاح
ولكَانَ المَجْدُ لي أدوم رَفيـــق
لكنَّهم كَرهونـــي
وتآمروا فذبَحونــي
وها أنا
بعد كل ما أشْقونــي
أُدْفِأ ليَاليهــم
بنيران قلبــي
وحرارة جـِراح ما عَذَّبونـي
وأُرَفـِّه عَنْهُم سَأمَهـــم
بحَديثِهــم
عن حَرْبهــم ضِــدي
وكيفَ اغـْتـَالونـي
..
عَجـِبْتُ
كيفَ بالوَطن أسمونــي
أنا الحـَامـِـي
ويدَّعــون أنَّهم يحْمونـِي
عَجـِبْتُ
كيف بعد أن زرعـوا
بأرضِـي الخـَــراب
تقبل ذواتـُهم أن يسْكِنونــي
لكن صبــراً
فلو لألآفِ المَرَّات قتلونـِـي
لن يستطيعوا أبداً
أن يدْفِنـُونِــي
فأنا القـَتِيـــلُ
وأنا التـُــرابُ
فكيفَ لَهُــم أنْ يوارونـِـي؟!
..
...