الاثنين، نوفمبر 03، 2014

ذُو عُسْرَة



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) سورة البقرة.
لما حرَّم الله الربَا لم يُنـْج المَدِين من الدين المُزاد بنسبة الربا، التي ربما تصل الضعف، وفقط، بل طالبَ الدائن بالصبر على المَدِين وتأجيل الإستحقاق حتى تتيسر أموره ويستطيع السداد، بل وازاد وقال إن كنت أيها الدائن لست في حاجة الى دينك عند المَدِين وصاحب يسروبحبوحة فأجعل دينك صدقة واقصد به وجه الله، وهذا هو الخير العطيم إن كنتم تعلمون.

ونجد في معظم آيات القرآن الكريم الخاصة بالجهاد، أنا الأمر بالجهاد بالمال يسبق النفس.
وكأن الله سبحانه وتعالى يكشف لنا خبايانا، خبايا الإنسان الذي خلقه ولا يعلم بواطنه وأسراره إلا هو.
فالإنسان لا يسعى طوال حياته وراء شئ إلا المال، صغيراً يريد المال ليشتري الحلوى ويذهب إلى الملاهي. شاباً، يريد المال ليرفه عن نفسه ولكي يملك من متاع الدنيا ما يريد. رجلاً، يريد المال لينفق على أهل بيته وليضمن لهم معيشة كريمة. شيخاً، يريد المال ليحيا به بعد أن عجز عن العمل.
وهنا، عندما يأمرك الله أن تتنازل عن مالك، كنفقة على محتاج، أو سماحاً في دين، أو جهاداً، فكأنه يعلـِّمك كيف تعْتِق روحك من ربْقة واستعباد الحياة، فالحياة التي ظنـَّت أنها استعبدتك بجَعْلك تجري وراء المال لتحياها، ها هي تراك تتنازل عن هذا المال من أجل هدف نبيل، لا من أجل مُتـَعِك وشهواتك التي تـُلقيها أمامك وفي خيالك وتزينها لك.
..
وإن كان هذا ليس كل ما قد تحوية الأية الكريمة "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا لهو خير لكم إن كنتم تعلمون" من معان.
فحتى لو كانت الأية قد نزلت في موضوع الربا والمال، فهذا لا ينفي أنها تمس أمور حياتية كثيرة، تتشابه المعاملة فيها بالمعاملات المالية، ولكن في أشياء أخرى، ربما عاطفية أو خلقية.
فربما منا من لا يصبر على أحداً في أمر ما، وهو لا يدري بظروفه، وربما الأخر طلب منه الصبر ولكنه لا يصبر، وهنا ربك يأمرك، إن كان ذاك الشخص ذو عسرة، فلتنظره حتى تتيسر له الأمور والأوضاع. وليس هذا وفقط، بل ربما المسامحة تساوي التصدق بالمال في الأية، فقد كان لك شئ، وتعسر وتأخر من مُتـَوَجب عليه اتمام هذا الشئ، فصبرت وأنظرته، ثم سامحت التقصير وعفوت.
نحن في حاجة لأن نتعامل بهذا المنطق، فمن منا لا يكون ذو عسرة في حالة من الحالات أو في وقت من الأوقات. فلننظر لنا ولغيرنا، ولنتذكر الأية الكريمة "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة".
..

هناك تعليقان (2):

  1. مساؤك خير وسعاده يااحمد

    طرحك راقى الى ابعد الحدود فانت هنا تناقش قضية راقيه وانسانيه

    من نواحى دينا الحنيف وشريعتنا السمحه

    ياريت التعامل فيما بيننا يكون هكذا

    جميل طرحك كل الود

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك سومه.
      دوما أسعد واتشرف بوجودك :)

      حذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول