الجمعة، يوليو 13، 2012

كل شئ قد قِيل !!




كل شئ قد قِيل و قد جئنا متأخرين؛
 الكاتب الفرنسي لابيرويير (1645 ـ 1696)
....


      لأنني كنت مشغول الأمس و طِيلة اليوم و لم أستطع كتابة شئ، لأن ما أتاني من أفكار طيلة اليوم لم يتخمر بما يكفي لأكتب منه قصة أو موضع ،و لأن الهدف من التدوين اليومي هو الكتابة اليومية و ليس مجرد النشر اليومي، إذ باستطاعتي أن انشر قصيدة من قصائدي القديمة أو ما إلى ذلك، فقد قررت أن لا أكتب شئ اليوم ، ولكن ما حدث هو أنني قرأت تدوينة الدكتورة شيرين سامي ليوم الخميس و ما ذكرته من أنها قرأت تدوينة تقريبا تمت سرقتها منها، ومن قبل قرأت أيضا للاستاذة شمس النهار شي مشابه، ولأصدقاء أخرين أشياء مشابهه، فذكرني بما سأكتبه هنا فوجدت شيئا أكتبه..ربما يبدو مشابها لما كتبه غيري، فعذا طبيعي..فكل شئ قد قيل !!
و قد قيلت هذه العبارة منذ ما يتخطى الثلاثمائة عام،فالأن كل شئ قد قيل ملايين المرات بملايين الكلمات و ملايين الصور و الأساليب !!
فقد قررت أن أكتب - ولو القليل - عن السرقات الأدبية و لكن ربما من منظور مختلف..
...
السرقة الأدبية قد تكون بأخذ نصوص بنصها كما كتبها كاتبها الأصلي أو رسم فكرته بأسلوب و كلمات أخرى...
قرأنا كثيرا عن السرقات الأدبية و الفنية ، فعبد الوهاب أُتهم بسرقة ألحانه من موسييقين عالمين، و دارسي الأدب المقارن، أثبتوا أن أعمال أدبية عظيمة لأدباء عِظام،قد سرقوها من غيرهم !!
فالكاتب الفرنسي الكبير بيير كورنييه و أشهر مسرحياته (السيد) أثبتوا أنه سرقها بالنص و الأسم من مؤلف مسرحي إسباني معاصر له يسمى جييرمو دي كاسترو !!
بل أيضا أن أدباء عظام مثل فيكتور هيجو، و الكسندر دوماس و غيرهما لما يتنزها عن السرقة الأدبية !!
هذا طبعا غير سرقة الأفكار من الأعمال الملحمية و المسرحية القديمة الأغريقية و الرومانية..
..
و لكن دعونا نشاهد هذا الموقف بين الشاعر بشار بن برد- و هو شاعري المفضل- و بين تلميذه الشاعر سَلم الخاسر،( المصدر تجريد الأغاني لإبن واصل الحموي) سأله من يا سَلم يقول :
من راقب الناس لم يظفر بحاجته
و فاز بالطيبات الفاتك اللهج
فرد سَلم، انت يا أبا معاذ،جعلني الله فداك !!
- فقال بشار،و من الذي يقول :
من راقب الناس مات غما
و فاز باللذة الجسور
- فقال سَلم :
خريجك، أي تلميذك
- فقال له بشار :
أفتأخذ معانيَّ التي قد عُنيت بها و تعبيت في استنباطها، فتكسوها ألفاظا أخف من ألفاظي،حتى يُروى ما تقول و يذهب شعري !!
أي أن السرقات الأدبية قد بدأت قديما جدا !! وإن كان القدماء لم يعتادو سرقة النص بل كانوا يسرقون الفكرة و يصيغونها في صورة أخرى..
قد تكون كل هذه سرقات صريحة و لكن هناك نوع أخر لا أعرف كيف أسميه، وقد أحتار فيه النقاد أيضا، فإننا قد نجد أن ترجمة أحد الكتاب العِظام أو أحد المترجمين المقتدرين لأعمال أديب ما قد تجعل القارئ ينسى العمل الأدبي الأصلي و مؤلفه و يعتبر أن الترجمة و المترجم هما النص و المؤلف الأصليان !!
و هم ما حدث تقريبا مع رباعيات الخيام عندما ترجمها من الفارسية إلى الإنجليزية الأديب البريطاني إدوارد فيتزجيرالد، كذلك نرى ترجمات وليام آرشر لمسرحيات الأديب النرويجي هنريك إبسن، كذلك نجد صياغة المنفلوطي لروائع الروايات العالمية، مثل ماجدولين، و الشاعر، و في سبيل التاج، هذه الترجمات التي أصبحت بمثابة كتابة جديدة تماما للنص الأصلي !!
...
ان أردت المزيد ما عليك سوى أن تضع في خانة البحث ( السرقات الأدبية ) و لا تستغرب مما ستراه !!
قد تختلف التسميات و قد تختلف الأساليب، ربما هناك توارد أفكار، وقد يعبر كلا منا عن أحساسه أو رؤيته أو فكره فيجده مشابه تماما لما عبر به غيره، لكن يبقى الفاضح تماما هو سرقة النص بلفظه !!
...
و أيضا الأكيد أن الإدعاء بأن هذا لنا و هذه كتابتنا، لا يجلب التقريظ و المدح و الإعجاب من الأخرين لنا و لكن لأشخاص غيرنا يستحقونه، و قد نالوه و إن لم يوجه مباشرة لهم !!
و هذا هو ما ودتت أن يصل للطرفين !!
...
تدوينات متعلقة بالموضوع
- الأستاذ رشيد ( أبو حسام الدين ) في مدونته همسات الروح و الخاطر
http://hams-rroh.blogspot.com/2012/06/blog-post_17.html
....

هناك 11 تعليقًا:

  1. مســاء المكان وما حوى
    أديبنا الفيلسوف
    " أحمد صالح "
    :
    هو داء عضال كل يوم نسمع عن نوادره
    ونواكب أحداثه بشتى الوسائل و الطرق
    فالسرقـات الأدبية ، متعددة و كثيرة ولا حصر لها
    نظرا لما تحويه من أساليب الغش المُلتوية
    كسرقة فكرة وترجمتها بأسلوب آخر ، وسرقة معنى وترجمته بأسلوب آخر ، وسرقة نص كامل كما هو !!
    وبالنهاية يبقى شئ مهم " نزعة و سطوة الضمير "
    عجبني وراقني ما نهيت به الحديث ..
    انه عندما نشكر أو نثني على كاتب ما ، فأننا لا نثني على الشخص بذاته بل على فكره و عمله وترجمة أحاسيسه
    إذاً فالثنــاء ليس للسارق ، بل للكاتب الحقيقي ، وان كنا لا نعرفه شخصياً !!
    شكراً لما قرأت هنا من ألق
    تحية و تقدير .

    ..
    ..
    ..

    أحمــ سعيـد ـــد

    ردحذف
    الردود
    1. أستاذ أحمد أخجلني وصفك لي بالأديب الفيلسوف !!
      ...
      أتمنى أن تنول كل كتاباتي قبولك دائما..
      و فعلا كما ذكرت تعددت الاساليب و الوسائل و لكن يبقى الثناء للمبدع الأصلي و ان وُجهت الكلمات لغيره..
      ..
      أما الضمير فأظنه قد اصبح المفقود بلا حزن !! أضعناه و لم نحزن على فراقه !!..أتمنى أن تسود و تتحكم نزعة و سطوة الضمير هذه لا في تعاملنا مع انتاج غيرنا الأدبي و لكن مع كل ما نتعامل معه في الحياة
      ..
      كل التحية و الاحترام

      حذف
  2. أسعد الله أوقاتك أستاذ أحمد.
    لا أخفي عنك أنه طالما أرقني هذا الموضوع. طبعا لا ننكر أن التاريخ الادبي مليء بالسرقات، سواء القديم والجديد، وقد نبه لذلك النقاد في كثير من المواقف..
    لكن ما يثير الغثيان يا صديقي هو أن ينقل نص حرفا حرفا، فكرة فكرة..
    الأمر يجعلنا نتأمل جيدا، هل صارنا لا نجتهد؟ أمبلغ قدرتنا أن نجد كلمات وننقلها نقلا كاملا وبدون ذكر مصدرها ولا حق صاحبها؟
    قد أقتبس لتعزيز فكرة أو اسناد أمر، لكن يبقى حفظ الحقوق واجب.
    أعتبر هذا الأمر بصراحة قتل للإبداع. وسنتحول إلى مكينة نسخ ولصق، لا اجتهاد ولا ابداع، سنصير نسخة واحد شكلا واحد، نمطا واحدا.
    كان لي موضوع قديم، وقد أعدت نشره في همسات، سأضع رابطه هنا من باب أني أريد توضيح فكرة أكثر. فلك الشكر أخي وبارك الله فيك

    http://hams-rroh.blogspot.com/2012/06/blog-post_17.html

    تحياتي لك أستاذي العزيز.

    ردحذف
    الردود
    1. أسعد الله نهارك و ليلك و كل لحظات عمرك أستاذ رشيد..
      ..
      أكيد هو موضع أرق كل المبدعين خاصة أن الأمر الأن لا يستلزم تعب، فهو مجرد نسخ و لصق و أصبح الكلام كلامك و الابداع ابداعك !!
      ..
      و انا معك في الاقتباس أو التصريح بأن ما اكتبه هذا هو من فكرة فلان ، أو اعادة كتابة له..الخ..الأهم هو اعطاء صاحب الفكرة حقه بتعريف الجميع ان هذه فكرته أو ان هذا نصه و كتابته..
      ...
      استمتعت بموضوعك و أضفته في نهاية التدوينة حتى يُتاح الاطلاع عليه..
      ..
      كل الشكر و التحية و الاحترام أستاذ رشيد.

      حذف
  3. سرقة الافكار و الخواطر هي من اعظم انواع السرقة فالسارق يسرق من روح الآخر
    لكن يجب الا نغفل وجود بعض توارد الخواطر في بعض الاحيان
    و لهذا السبب و محاولة الكف عن السرقة تبنيت مع بعض الاخوة المدونين فكرة انشاء نقابة للمدونين لحماية حقوقهم الادبية في مجتمع لا يعترف بهم على الاطلاق
    و للاسف فشلت الفكرة لان البعض لم يؤمن باهمية حماية الافكار
    تحياتي لك

    ردحذف
    الردود
    1. جميل تعبيرك دكتور مصطفى بأن السارق يسرق من روح الآخر..
      و توارد الخواطر و الافكار وارد طبعا،قد يكون هذا في الفكرة ولكن لاأظن أن تتماثل الكلمات تماما !!
      ..
      كانت فكرة جميلة جدا فكرة نقابة المدونين هذه دكتور مصطفى لحماية الحقوق الأدبية للمدونين،ربما في مجتمعنا كل شئ مختلف ولكن أظنك تعلم أن في دول أخرى للمدونات صدى كبير و تساهم في صنع اتجاهات معينة أحيانا،و مؤثرة بشدة..
      أتمنى ان تعيد أحياء هذه الفكرة،ربما تتم مساندتها بشكل أفضل هذه المرة..
      كل التحية و الاحترام

      حذف
  4. سمتي السرقة أيضًا الاغتصاب و الاختلاس ،
    و من السرقات الشعرية ،
    ما حدث بين أبي تمامٍ و المتبي ،
    في البيت الي يتحدث عن الشيب ،
    و هناك كتاب السرقات الشعرية للآمدي كما أذكر يتناول فيه هذا الموضوع ،

    لكن برأيي عندما يأخذ أحدٌ فكرة و يزيد عليها هذه لا تعدُّ سرقة ،
    و لكن إن هوَ أخذ الفكرة و جعلها أسوء تعدُّ سرقة ..

    تدوينة جميلة و الموقلة كانت جميلة رغم فدمها !
    فإذا كانوا من ذلك العصر قد قالوا كل شيء !
    فماذا نفعل نحن ؟؟؟

    دمتَ بخير ..

    تحيآاتي لكْ ..

    ردحذف
    الردود
    1. طبعا السرقات الأدبية منتشرة منذ القدم، وهناك الكثير من الكتب و الدراسات قد تكلمت عنها..
      و لكني أختلف معك دعاء في رأيك،فأخذ الفكرة يعد سرقة أن لم نعلن أن هذه فكرة فلان و أنا أعيد صياغتها أو أكتب شئ بإلهام منها..سواء ما كان سأخرجه جيد أو سئ..
      كانوا قديما يطرحون الفكرة و يطلبوا من الشعراء أن يعبر كلا منهم عنها بأسلوبه،و قتها قد تتشابه كلماتهم و لكن ربما يكون الوضع مختلف قليلا هنا..
      دمت بألف خير..
      و دمتي مبدعة متألقة، فأنا أستمتع جدا بقصصك و ان كنت أعجز عن التعليق عليها..
      تحياتي

      حذف
  5. موضوع مهم جدا يا أحمد
    وبيهم كل الناس اللي بينشرو أعمالهم على النت


    لأن السرقات على النت رهييييبة .. ومفيش أي احترام لحقوق الملكية الفكرية .. وفعلا بفكر بجدية اننا نعمل حاجة نوقف بيها الموضوع ده أو على الأقل نحد منه

    بالمناسبة رباعيات الخيام ترجمها أحمد رامي للعربية وكتير برضه مايعرفوش انها بتاعة عمر الخيام ف الأصل

    ردحذف
    الردود
    1. طبعا يا ضياء السرقات رهيبة و سهلة جدا..نسخ و لصق !!
      ..
      الدكتور مصطفى سيف اتكلم في تعليقه عن نقابة للمدونين و انا قلت يا ريت يعيد احياء الفكرة و أكيد هتلقى الدعم من الجميع الأن ربما تكون هذه خطوة في طريق الحفاظ على الحقوق الأدبية و الفكرية للمدونين و لأي كاتب في المنتديات و ما شابهها..
      ..
      فعلا ترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام مثال أخر..حتى أن البعض ينسبها له صراحة بعد أن تغنت بها أم كلثوم !!
      ..
      كل التحية صديقى.

      حذف
  6. كل شئ قد قِيل و قد جئنا متأخرين؛ :) اظن ده لان الانسان هو الانسان

    ولكن من المعروف إن الانسان لازم يقرأ عشان يعرف يكتب ..

    عملية شبه البيضة الأول ولا الفرخة الأول :)

    ردحذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول