الاثنين، سبتمبر 23، 2013

خريف

  لا تختلف صباحات بدايات الخريف عن مثيلاتها صباحات نهايات الصيف، فجميعها موجة واحدة لها نفس النغم واللون والملمس.
فالشمس تطل بخجلها المعتاد، الذي يتحول لاحقا ربما لوقاحة حارقة، أو يظل بتأثير الهواء كـَف حانية دافئة تربت على أجسام المارين أسفلها. والسماء كفراش أزرق لا لتـُنيم عليه المخلوقات أجسادها بل لتستظل تحت أمنه ولتلامسه أرواحها لتشعر بالسمو والإنطلاق والحرية.
صباح خريفي ساكن وصامت إلا من زقزقة عصفور رقيق أو حفيف وريقات الشجر عندما تحتك ببعضها البعض في غزل صريح هي ليست سببه وإن كانت فاعلته. إلا من فتات حديث يترامى من بعيد يكاد صوته يلامس حد الخرس، لأطفال صغار ربما كانوا في طريقهم إلى مدارسهم أو عمال في طريقهم إلى أعمالهم أو باعة جائلون ينادون على بضائعهم.
صباح خريفي نسيمي لطيف، تعَبَّق جوه بعطور شتى وروائح مختلفة، حملت بعض خيوطه رحيق الريحان والياسمين، بينما تشبع خيط أخر برائحة النجيل والعشب الأخضر، وربما أخر قد حمل رائحة الجير المنبعثة من الحوائط الخارجية التي أعيتها الرطوبة، وأخر فاض برائحة البرتقال واليوسفي والليمون. كل هذا مغلفا بمحيط أخضر وأصفر وأحمر، بسيمفونية ألوان وعطور. فقد إكتسى الجو، رائحة ومنظراً، بما يحيطه من أشجار وورود، كانت جميعها، للأسف، في طريقها لمجابهة الخريف الأتي متسللا في نعومة ورقة ولطافة تـُضعفنا عن القيام بطرده، فلا نجد أمامنا من سبيل إلا الترحيب به!


  عندما وصلت وجيدة إلى كرسيها الوثير زي السنادات المصنوع من الخشب المزخرف برسوم الأزهار والطيور، وحاشيته البنية الباهتة الممتلئة بالقش، عدلت من وضعه بجانب الكرسي الأخر الذي يمثاله، فقد كانا ليسا في موضعهما الصباحي المعتاد بعد أن غيرنا مكانهما خلال جلستنا ليلة أمس، ليواجها شمس البكور المشرقة المبتسمة، والتي لم تقطع بعد إلا خطوات قليلة مغادرة المغارة التي منعتها الظهور طوال الليل وجاء العفو لها الأن لتقطع رحلتها. جلست، بجسمها الذي فشلت السمنة أن تغزوه فبعثت الإمتلاء بدلا منها، على كرسيها ببطء فقد كانت تعاني من الروماتيزم وتشعر بألآم في ظهرها عند الإنحاء وعند الجلوس من حالة الوقوف. جلست وأستراحت على كرسيها ثم ألتفتت خلفها ناظرة إلى داخل الحجرة من خلال باب الشرفة الذي كان الكرسيان موضوعان في مواجهته، ولم تطول لفتتها، إذ أن الوقت كان قد حان لظهوري بعد أن راقبتها خلال الدقائق الماضية، فقد كنا نتسابق أينا سيخرج إلى الشرفة قبل الأخر وقد قررت أن هذا هو يوم نصرها!
خطوت نحوها ماشياً ببطء متوكأ على عكازي الخشبي، أو ربما متظاهراً بعدم الإتكاء عليه، فصراحة رغم شعوري بألم في مفاصل رجلي إلا أنني لا أحاول مطلقاً أن أستند جدياً إلى هذا العكاز، بل أنا أتحاشى الإتكاء عليه، فأنا أريد أن أقنع نفسي أنني قادر على السير بدون عكاز، وأنني أحمله فقط لحالات الطوارئ!
ولكن على كل الأحوال أنا لا أقطع ألآف الكيلومترات سيراً على قدمي يوميا، فما هي إلا خطوات قليلة تنقلني ما بين غرفة النوم والصالة والحمام والشرفة. الشرفة مكان طلتنا على الدنيا، والتي نقضي بها أغلب نهارنا صامتان ساكنان أحيانا كتماثيل المعابد اليونانية، حتى أنه لو نظر إلينا من بعيد إنسان ذو حس فني فإنه سيرانا، أنا ووجيدة والكراسي والشرفة وما على حائطها من أحواض ورد وشجرة ست الحسن التي تغلفها من الجانبين، سيرانا كلوحة عتيقة من عصر النهضة رسمها رسام مغمور!

  وصلت إلى كرسي بجوار كرسي وجيدة وجلست، ثم نظرت إليها بربع عين مُدعياً اللامبالاة وكأنها لم تسبقني هذا اليوم، فجلست صامتاً، ولكني كنت أعلم أن وجيدة لن تصمت عن البوح بالفخر بما جنت من نصر عليّ اليوم، فوجدتها قد أدرات وجهها ناحيتي ونظرت لثوان وهي صامتة، أهملت ذلك وكأنني لم ألاحظ، فردت وجهها في إستقامته ثانية، ولكني كنت أعلم أنها ستعيد الكـَرّة هذه المرة ولكن من دون الصمت، فصمتها هذا سيتحول لكلمات ساخرة تحاول بها إغاظتي!
وبالفعل إلتفتت ثانية ثم تنهدت بصوت مسموع، ربما ليفيقني من شرودي المزيف، علمت حينها أنني لو إستمريت في التجاهل فستكون حيلة مكشوفة، وعليه فقد إستدرت بوجهي ناحيتها وأنا أتساءل في براءة وسماجة:
أهناك شئ؟ لماذا تتنهدين بصوت عال؟!
نظرت لي شزراً بعينيها السوداوين اللتين مازالتا تحتفظان ببريقهما في غضب محبب جداً لي ثم أدارت وجهها لتعيده في إستقامته مطبقة جفنها الأيل للتهدل على عينيها للحظة، قبل أن تهمهم بصوت خفيض حانق:
هكذا أنتم أيها الرجال لا تلتفتون إلا لما يسبب لكم الفخر وما يجلب لكم الثناء أما ما قد يسبب لكم الإحراج أو ما قد ياتي لكم باللوم، حتى وإن كان عدلاً وحقاً، فإنكم بكل بساطة تتجاهلونه وكأنه لم يوجد ولم يكون!
كنت في قمة سعادتي وأنا أسمعها وأشاهدها وهي تنطق بهذه الكلمات الغاضبة، فكم إستمتعت بمثل هذا المشهد لعشرات السنوات، ومازلت أعد نفسي من المحظوظين لأنني لم أحرم منه.
فأبتسمت، وقلت لها بإستخاف مقصود:
مرة في شهر؟ أظنه إحراج عظيم لكِ أن تحسب!
وبكل تأكيد كنت أعلم أن جملتي ستأتي بثمارها، إذ أن وجيدة قد إستدارت في عصبية، حتى أنني قد خشيت أن يؤلمها ظهرها من هذه الإستدارة المفاجئة، وقالت في حدة:
الفكرة ليست في عدد المرات، ولكن في حقيقة إحتمالية وسهولة الفوز عليك!
سيظل الرجال ضيقي الأفق مهما سنحت لهم فرص التـَعَلم من النساء!
هنا أخذتني الذاكرة عشرات السنوات للماضي، لأشاهد وأستمع لتلك الفيلسوفة الرقيقة التي طالما إدعت الشراسة والغلظة، التي أغرمت بها من جملتها الأولي في حواري معها، والتي من المرة الأولى التي إلتقت فيها عينانا أكتشفت أن تنكرها في زي أسد عنيف شرس تفضحه نظرة للعين التي تُصَرِّح بمنتهى الوضوح:
أنا غزال رقيق لا أسد كما أدعي!
تلك الفيلسوفة مازالت هي هي، ومازلت أراها وأشعرها كما كنت أراها واشعرها منذ يومنا الأول، لم يتغير شئ سوى مقدار حبي لها، فهو لم يتوقف عن الزيادة، ولن يتوقف حتى يتوقف قلبي عن الحياة.
  إبتسمت إبتسامة عريضة في وجهها، ومددت ذراعي لأربت على ذراعها وأنا أقول:
صديقني هناك رجال كثيرون قد تعلموا من النساء فالحقيقة لا يمكن إنكارها وحتى إن انكرناها فهذا لا ينفي أبداً وجودها، فأنا مثلاً، ودعيني أعترف، قد تعلمت منكِ الكثير..
إلتفتت أكثر لتواجه وجهي بالكامل، وأتسعت نظرة عيناها وبدا عليها الإستغراب والإهتمام في آن واحد.
فأستكملت أنا:
نعم لقد تعلمت منكِ الكثير، فأنا مثلا قد تعلمت منكِ قلي البيض وتقطيف الملوخية...كنت مستمراً في كلامي مُدعياً الجدية، إلا أن وجدت أن نظراتها قد إمتلأت غضباً، الغضب الذي أحبه، وأزاحت كفي عن ذراعها بعنف وأدارت وجهها، وهي تقول بغضب:
وكأننا في العشرين!
ألا تلاحظ هذا اللون الأبيض الذي كسى شعرك؟!
هل أتي لك بمرآة لعلك ترى؟!
إبتسمت أنا وقلت:
وهل قيل أنها كبيرة من الكبائر أن يمزح من قارب السبعين؟!
لم تجيب على سؤالي ودمدمت بكلمات مبهمة لم أفهمها، فعلمت أننا يجب أن نأخذ فترة صمت للراحة قبل المعركة القادمة!

  بدأنا وحيدان في هذا البيت وأنتهي بنا الحال إلى الرجوع وحيدان كما بدأنا، فبعد أن كان هذا البيت لا يهدأ لحظة بالليل أو النهار، بعد أن كان يذرعة جيئة وذهاباً طفلان ذكور وبنت لا يتوقفون عن فتح الأبواب وإغلاقها ولا عن فتح التلفاز، والعراك معهم ليقوموا بفروضهم المدرسية وليذاكروا لا ينتهي، وبعد أن إضطرت وجيدة للإستقالة للتفرغ لتربية أبنائنا والقيام بالأعمال المنزلية التي كثرت جداً عليها، وبعد أن كبر هؤلاء الأطفال وصاروا شباباً، وبعد أن إنتهى وقت الإجتماع وحان وقت الفراق المحتوم، بعد أن كانوا لا يغيبون عن أعيننا للحظات، صارت لا تراهم أعيننا إلا لحظات، على فترات طويلة ربما من طولها قد تغيب ملامحهم عنا.
فتزوجت زينب، التي أعتنقت حُب الفلسفة عن والدتها فدرست الفلسفة وتعمل حالياً مدرسة لها بإحدى المدارس الثانوية كما كانت أمها، وذهبت مع زوجها إلى محافظة أخرى لإرتباط عمله بتواجده هناك حتى إستقروا.
أما سمير فكونه الإبن الأكبر فقد كان أول من غادرنا، وقد جف حلق وجيدة مع محمد إبننا الأصغر ليقيم معنا ويتزوج في هذا البيت فهو كبير ويسع الجميع، وهو بيت مستقل بحديقة يحوطها سور كقصور الأمراء، وهو بعيد عن قلب المدينة الصاخب الملوث، ويمكن ترميمه وإعادة طلاءه بما يناسب العصر. ولكنه أبىَ إلا أن يعيش حياته مستقلاً في بيت خاص به.
ورغم كل ذلك فربما يجب أن نكون، أنا ووجيدة، سعداء، فأبناؤنا يعيشون في خير وأحفادنا كذلك. ولكن ما يؤرق فكر وجيدة دوما، وأن كانت لا تعبر عنه باللسان ولكني أسمعه طوال فترات صمتها وأراه طوال فترات سباحتها في بحر خيالها، هو فكرة كيف أن المرأ يلد ويرضع ويسهر ويكبر أولاده ويترك عمله من أجلهم ليتركوه بعدها ويضنوا عليه ربما حتى بمكالمة هاتفية لا تتخطى ثوان معدودة؟!
ورغم أنها كانت مدرسة فلسفة، وهذه مسألة سهل ويسير جداً البت فيها، إلا أنها صنعت منها معضلة تتساوى مع معضلة، هل خلقت البيضة أولاً أم الفرخة؟!
وأبت دوما أن تعترف بأن هذه هي سنة الحياة وبأن الصغير سيكبر، والكبير سيشيخ ويهرم، والقريب لن يظل طوال الحياة بين أحضاننا رغم ما يلاقي من حب وحنان، فتوقه للحرية والإستقلالية يفوز في النهاية.
كنت أعلم أن ربما فكرها الأن ربما مشغول في إيجاد حل لهذه المعضلة، لذلك فقد علمت أنه وقت كسر الهدنة والبدء في حرب جديدة!
دوى صوت بوق سيارة بصوت عال، فوجدتها فرصة لبدء الحديث فقلت في إستياء مصطنع:
قلة أدب!
ألا يعلم هذا السائق الوقح أنه ربما بعض الأشخاص مرضى لا يريدون إزعاج!
ثم غيرت النبرة وقلت في رقة:
وربما بعض الأشخاص قد جلسوا في جلسة رومانسية فجاء صوت بوق سيارته أفسد عليهم جلستهم!
إلتفتت وجيدة بعد هذه الجملة الأخيرة وقد بدا التحفز في عينيها، فقلت مغيراً الحديث وأنا أشير إلى الأشجار والأزهار التي تملأ حديقتنا:
أليست هذه جنة؟!
فقالت في فتور وسخرية:
لقد بدأ الخريف، وقريباً تجد جنتك خاوية على عروشها!
فقلت في تحد:
الخريف؟ وماذا به الخريف؟!
الخريف لا يُفقد الأشجار أياً من قيمتها، بل هو يظهر قوتها وصمودها وجمالها!
بل دعيني أقول، وكنت أعلم أن هذه الجملة ستثيرها لتبدأ حديث ناري، أنني أحب الخريف دوناً عن كل فصول العام، بل دعيني أقول أنني أعشقه!
قالت وجيدة في حدة وتحدٍ:
وأنا أكره الخريف فهو يحرم الأشجار من أوراقها، ويحرم الورود من أزهارها، بل هو يشوه الطبيعة بأكملها ويتركها تعاني من الخواء والقبح.
فبعد الجمال والرونق الذي تختال به الأشجار والورود، يأتيها الخريف فيسلبها كل شئ ويتركها عارية من الحسن وربما من الحياة.
ولكني كنت أعلم ما يدور في ذهن وجيدة، فربما هي تراهما في خريف عمرهما، قد جاءت الشيخوخة بخريفها وسلبتهما الشباب بجماله وعنفوانه وتركتهما خاويان من الحسن ومن الحياة.
ولكنه ما كنت لأستسلم وأدع هذا الفكرة تسيطر على فكرها وتنضح على أفعالها وتفاعلها معي ومع ما حولها ومع الحياة من حولها، فعدلت من كرسي قليلا لأجعله تقريبا في مواجهتها بعد أن كان بجانبها، ثم بدأت أوجه كلامي إليها:
وهل لولا الخريف كانت الأشجار قد إرتدت ثوب جديد؟
فهو يزيل عنها قديمها ويحممها بهوائه ونسماته ولسعات برده اللذيذة، حتى إذا ما جاءها الشتاء كانت له مستعدة، فتصمد تحت مياه أمطاره وثلوجه، بل ترقص طرباً منتشية، حتى إذا ما إنقضى الشتاء تسلمها الربيع جاهزة لثوب الجمال الجديد.
فبعض الجمال يستحق بجدارة أن يُشوّه، ليبعث أجمل مما كان.
سهمت وجيدة كأن الكلام لم يروق لها، وفي الحقيقة لن يروق لها طالما خالف إعتقادها. ولكن هل تراني أستسلم أما صلابتها بعد هذا العمر الطويل وأنا أعلم أنها ستقتنع حتى لو أظهرت عكس ذلك؟
فخطرت لي فكرة وتحمست لها، فسألتها:
أتذكرين ذلك الفستان الحريري الأخضر الذي إشتريته لك يوم خطوبتنا لترتديه؟
نظرت لي بإستغراب وإنتظرت قليلاً قبل أن تجيب:
وماذا ذكرك بهذا الفستان الذي لا أذكره أصلاً!
كانت عيناها تقول أنها تذكرت الفستان جيداً وتذكرت ذلك اليوم الذي كان هو يوم حفل خطبتنا عندما خرجنا سوياً لشراء فستان جديد لها، بل ربما مازالت يدها تشعر بملمس يدي التي كانت تمسكها ونحن سائران. عندما كنا شابان فتيان بأيادٍ وردية رقيقة، لا كما نحن الأن بأيادٍ معروقة مرتعشة، عندما كنا مفعمان بالحيوية والحياة نسابق الرياح وتكاد أقدامنا لا تلامس الأرض من رشاقة خطواتنا، لا كما نحن الأن مقعدان على كرسيين من القش كي لا تتأذي عظامنا ويُعد فتحاً عظيما إن قدرنا على السير من غرفة النوم حتى الشرفة الخفيضة المطلة على الحديقة. ولإعتقادها أنني أدبر لها فخ لأنتصر عليها قررت أن إدعاء النسيان أفضل وسيلة للدفاع!
- هذا لا يضر بشئ سواء أكنت تذكرين أو لا تذكرين!
عقبت على كلماتها بسخرية لأشعرها بأن هجومها قد خاب، ثم أردفت:
- فالسؤال الأهم هو، هل ظللتي مرتدية هذا الفستان الجميل، والذي أعجبك جداً، طوال الأسبوع أم أنك قد خلعتيه ليتم غسله وتنظيفه لترتديه من جديد، بل ربما لتجدي أجمل منه؟
شعرت بأن حيلها الدفاعية والهجومية تتكسر أمام منطقية سؤالي، فوضعت كف فوق كف ولوت فمها قليلا قبل أن تسألني:
المهم! ماذا تريد أن تقول بوضوح؟!
أريد أن أقول أن الشجرة عندما يأتيها الخريف ويذهب عنها جمالها، لا تيأس ولا تنتحر محاولة أن تخلع جذورها من باطن الأرض أو أن تستلسم للرياح لتكسر أفرعها وتتركها مكسحة معاقة. بل تشبث جذورها في الأرض وتغوص بها أعمق في باطنها، وتقاوم رياح الخريف والشتاء بل وتستمتع بها، فهي تعلم أن حالها الأن مرحلة يجب أن تعيشها لا مرحلة يجب أن تخجل منها أو أن تنتحر إستباقاً للموت.
كانت وجيدة تسمعني بهدوء، ولم يبدو على وجهها إلا سيماء اللامبالاة، مما جعلني أوقن أنها منتبهة جداً لكلامي، وأن كلامي قد أثرَّ فيها. فهذه هي وجيدة التي أعرفها طوال أربعين عاماً!
   إنتظرتها لتعقب على كلامي ولكنها لم تفعل، فعدلت من كرسي وقربته من كرسيها حتى ألصقته به، ومددت كف يدي إلى كفها وعانقته فردت في صمت وسلام عناقه، فعرفت أنها فهمت كل شئ.
وساد الصمت قليلا قبل أن تمزق ستارته يمامتان على أحد فروع شجرة التوت. غير العليم بطباع اليمام سيقول أنها يتقاتلان، بينما هما في الواقع يتغازلان. ببساطة مثلنا تماماً.
..

هناك 8 تعليقات:

  1. الله يا أحمد
    حلوة أوى الفلسفة اللى فى القصة
    تعرف لما أمى تكون رايقة هحكيلها قصتك دى .. لسه من كام يوم كنا بنتكلم فى نفس الفكرة .. احنا الاتنين كنا نفس تفكير وجيدة .. بس مامتى شوية كنت حاساها عايزة تقولى زى كلامك .. بس مش قالت وطبعا أنا السبب .. لأنى مصيبة مُتعبة
    على فكرة حلو أوى اسم " وجيدة "
    والقصة طبعا تجنن

    ردحذف
    الردود
    1. بصراحة ما اعرفش جالي منين إسم وجيدة، بس وأنا باكتب لقيتني بأكتب إسمها وجيدة بدون إختيار!
      يمكن لإرتباطه بحاجة خفية في عقلي الباطن ولا حاجة!
      ..هتقول إزاي يا مروة وانتي كابسة على مداخل ومخارج أفكارها! :)
      ..
      نورتي المدونة :)

      حذف
  2. جميلة :)
    رومانسية راقية
    زوج مثالي متفائل لا يوجد منه كثير

    السرد والوصف والأسلوب رائع
    خالص تحيتي

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك يا منى على كلامك الجميل وعلى وجودك. وسعيد إن القصة عجبتك. :)

      حذف
  3. آه ه ه
    تنهيدة كبيرة كدة

    ردحذف
  4. سرد راقى سلسل المعانى جعلنى اتابع بلا ممل

    كلماتك وهمسات الود بين الزوجين حينما يزحف الخريف الى عمريهما شيقه بالفعل بين احرفك

    احسنت احمد .. سعيده بمرورى على جميل ما قدمت
    دام الابداع

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك سومه على تعليقك وعلى طلتك التي تسعدني دوماً.
      كل الود والتحية.

      حذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول