يبدو أن الأحلام المادية أسهل في تحقيقها من الأحلام المعنوية أو العاطفية!
..
في سن مبكرة كان لي ثلاثة أحلام وحتى الآن لم أحقق أياً منها، ربما لم يكن يربطهم أي رابط، وربما لا يبدون أصلا كالأحلام!
أولهم :
أن أقابل فيروز!
تعرفت على( ولن أضع لها أي وصف أو لقب فليس عندي ما يليق بها) فيـروز في سن مبكرة، من خلال خالي حسني، ربما كنت في الصف الأول الإبتدائي أو بعده بقليل، كان خالي قد سافر لبعض الدول العربية وكان يعشق فيروز، سمعت صوتها لأول مرة في يوم زفاف خالي منير، الذي يكبره ببضع سنوات، عندما وضع أحد شرائطها في الكاسيت وأداره - وأظنها كانت أغنية بعدو الحبايب أو إطلعي يا عروسة- وبعدها بثوان معدودة تذمرن خالاتي وقلن له:
شغل لنا حاجة نفهمها!
فابتسم وتمتم ببعض الكلمات وهو يخرج الشريط من الكاسيت ويضع شريط أخر ليخرج- على ما أتذكر- صوت فاطمة عيد وهي تغني :
يا جنية يا جنية يا أبو مروحة
عروستنا الليلة مروحة!
لينطلق البنات والستتات في تكملة عملهن بإنشراح، وأنطلق أنا خلف خالي ليفسر لي تلك اللهجة الغريبة وليعرفني بصاحبة ذلك الصوت الذي أسر إحساس طفل قد إحتار في تفسير ذلك الشعور الذي تملَّكه عندما سمع هذا الصوت، لتبدأ من لحظتها رحلة إدماني وعشقي لفيروز، ومغامرات سرقة شرائطها من عند خالي، وأيضا بدء حلمي بمقابلتها التي طالت بيا السنوات ولم تتم!
..
ثانيها :
أن أتعلم روســي!
بدأت رحلتي مع الأدب الروسي في سن مبكرة أيضا، قرأت معظم الأدب الروسي المترجم للعربية، حتى أن بعض أصدقائي ومعارفي كانوا يطلقون عليَّ لقب الشيوعي، رغم أن معظم قراءاتي كانت لأدب وأدباء ما قبل الثورة البلشفية أمثال ديستويفسكي( وهو كاتبي المفضل والذي حلمت بتعلم الروسية لأستطيع قراءة أعماله بلغتها الأصلية) تولستوي، تورجينيف، ليرمنتوف، بوشكين، جوجول، جوركي، وأيضا تبعت ذلك بقراءة أدب وأدباء ما بعد الثورة وما بعد الحرب العالمية الثانية أمثال، ميخائيل بولجاكوف ، وجيوركي ماركوف، وقسطنطين سيمونوف وغيرهم.
ولكن ظل ساحري الأول هو ديستويفسكي، كانت كتاباته لا تعبر عن المجتمع الروسي وفقط، بل قد كانت ترسم مظاهر وسلوكيات وشخصيات قد تراها في بلدك وفي أي مكان أخر، كان يرسم ويصور مشاعر أبطاله بكل دقة، وكان يُخرج أسوأ مافي قلوب البشر، حتى أن ناقد روسية- لا اتذكر إسمها- وصفته بــ ( زبال القلوب) ولم تخفي كرهها الشديد له، فما كان يقرأه الناس قديما مُصَوراً طمع وكره وسوء أخلاق وسواد قلوب البشر، وهم يمصمصون شفاههم ويتأهون بكلمات الحزن والإشفاق، أصبح يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الروسي أيامها لأنه وصف بكل دقة مساوؤه وبلاويه الإجتماعية والأخلاقية!
فكرت جديا في أنني سأدرس اللغة الروسية مستقبلا، وقد أتخصص في الترجمة من وإلى اللغة الروسية، ولكن بعد فترة عندما تعرفت على اللغة اللاتينية سحرتني وقلت أن دراستي ستكون للغة اللاتينية!
ولكن في الواقع لم أدرس أي منهما ولم أدرس غيرهما!
وربما خمد حلم تعلم اللغة الروسية داخلي لسنوات طوال، إلى أن ذهبت في رحلة إلى شرم الشيخ، وقابلت الروسية لينا - برقتها وبراءتها وضفيرتها الذهبية التي لم أرى مثيلاً لها إلا ضفيرة رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو!- التي أيقظت داخلي ليس حب اللغة الروسية وفقط، بل زرعت داخلي حب كل ماهو روسي!
ولكن الحقيقة الأن أن كل هذا قد تغيرت نظرتي إليه الأن.
..
ثالثها :
أن أحج بيت الله الحرام!
كنت في ذاك الوقت طفل في الإبتدائية، ربما كنت أجهل شعيرة الحج تماما ولا أعلم عنها سوى أن من يذهب إلى الحج يسافر إلى السعودية ويركب الطائرة ويوصله أقاربه إلى المطار في عربات تزينها الأعلام!
ربما أحببت هذا الحلم وقتها لهذه الأسباب، وكنت أشبط في أبي عندما يذهب لتوصيل أحد الأقارب أو المعارف إلى المطار، فقد كنت شغوف لمعرفة ورؤية أماكن جديدة، ولكن الحقيقة هي أنني كنت بعد أن ينطلق الركب بقليل يُصيبني سلطان النوم بسهامه، ويذهب الركب ويعود وأنا مازلت نائم!
..
لم أحقق أياً من هذه الأحلام، وربما لم يفت الأوان بعد لتحقيقها جميعها أو بعضها. ولكن ربما لم يحن الأوان بعد لبدء السير في طريقها، فالحقيقة أنني لم أتخذ خطوة جدية في سبيل تحقيق أياً منها. فلا لوم إلا علي!
مع الوقت تغيرت الأحلام، وربما في الواقع مصطلح أحلام لا يليق، فما احققه هي أشياء يتطلبها الواقع، لا أشياء يتطلبها شغفي أو أشياء رغبتها أو حلمت بها.
الأن ربما احتجت لبناء منزل من دور واحد، الحمد لله تم بناء الدور الأول والدور الثاني قيد التشطيب، ربما هذا الحلم-إن جاز- المادي أبسط في تحقيقه من حلم البيت، أي أن يكون لي زوجة أحبها وتحبني وأولاد أحاول جاهدا أن لا يحتاجوا لأي شئ وأن أعلمهم ما تعلمته أنا بثمن غالٍ.
ربما قيدتني متطلبات الحياة بالمبدأ القائل: الأهم فالمهم، أما المرغوب والمحبوب ففي الجنة بإذن الله!
أو ما أدعوه بالحرمان الإختياري، أي أنك تملك ثمن الشئ الذي تريده وترغبه ولكنك تحرم نفسك من إقتناءه لأن هناك ما يتطلبه الواقع ويجب إتباعه لتظل في زمرة العقلاء المأسورين لتدرجية الحياة والمشي على طريقها المستقيم دون أدنى حياد أو إلتفات. هناك ما هو أهم ويستحق أن نضع نتاج شقاءنا وتعبنا وجهدنا فيه!
فالحقيقة أن البعض يقبلون عن طيب خاطر إستعباد الحياة لهم، لا بتكالبهم عليها وسيعهم الحثيث لإغتراف خيراتها، ولكن بإتباعهم لمراحلها وخطواتها التي ذكرت في الكتاب، ذلك الكتاب الذي ربما قد ألفه مجموعة من المرضى النفسيين والجبناء، الذين كان يرعبهم مصطلح تمرد، فأسسوا دين الروتينية والتكرار.
..
..
في سن مبكرة كان لي ثلاثة أحلام وحتى الآن لم أحقق أياً منها، ربما لم يكن يربطهم أي رابط، وربما لا يبدون أصلا كالأحلام!
أولهم :
أن أقابل فيروز!
تعرفت على( ولن أضع لها أي وصف أو لقب فليس عندي ما يليق بها) فيـروز في سن مبكرة، من خلال خالي حسني، ربما كنت في الصف الأول الإبتدائي أو بعده بقليل، كان خالي قد سافر لبعض الدول العربية وكان يعشق فيروز، سمعت صوتها لأول مرة في يوم زفاف خالي منير، الذي يكبره ببضع سنوات، عندما وضع أحد شرائطها في الكاسيت وأداره - وأظنها كانت أغنية بعدو الحبايب أو إطلعي يا عروسة- وبعدها بثوان معدودة تذمرن خالاتي وقلن له:
شغل لنا حاجة نفهمها!
فابتسم وتمتم ببعض الكلمات وهو يخرج الشريط من الكاسيت ويضع شريط أخر ليخرج- على ما أتذكر- صوت فاطمة عيد وهي تغني :
يا جنية يا جنية يا أبو مروحة
عروستنا الليلة مروحة!
لينطلق البنات والستتات في تكملة عملهن بإنشراح، وأنطلق أنا خلف خالي ليفسر لي تلك اللهجة الغريبة وليعرفني بصاحبة ذلك الصوت الذي أسر إحساس طفل قد إحتار في تفسير ذلك الشعور الذي تملَّكه عندما سمع هذا الصوت، لتبدأ من لحظتها رحلة إدماني وعشقي لفيروز، ومغامرات سرقة شرائطها من عند خالي، وأيضا بدء حلمي بمقابلتها التي طالت بيا السنوات ولم تتم!
..
ثانيها :
أن أتعلم روســي!
بدأت رحلتي مع الأدب الروسي في سن مبكرة أيضا، قرأت معظم الأدب الروسي المترجم للعربية، حتى أن بعض أصدقائي ومعارفي كانوا يطلقون عليَّ لقب الشيوعي، رغم أن معظم قراءاتي كانت لأدب وأدباء ما قبل الثورة البلشفية أمثال ديستويفسكي( وهو كاتبي المفضل والذي حلمت بتعلم الروسية لأستطيع قراءة أعماله بلغتها الأصلية) تولستوي، تورجينيف، ليرمنتوف، بوشكين، جوجول، جوركي، وأيضا تبعت ذلك بقراءة أدب وأدباء ما بعد الثورة وما بعد الحرب العالمية الثانية أمثال، ميخائيل بولجاكوف ، وجيوركي ماركوف، وقسطنطين سيمونوف وغيرهم.
ولكن ظل ساحري الأول هو ديستويفسكي، كانت كتاباته لا تعبر عن المجتمع الروسي وفقط، بل قد كانت ترسم مظاهر وسلوكيات وشخصيات قد تراها في بلدك وفي أي مكان أخر، كان يرسم ويصور مشاعر أبطاله بكل دقة، وكان يُخرج أسوأ مافي قلوب البشر، حتى أن ناقد روسية- لا اتذكر إسمها- وصفته بــ ( زبال القلوب) ولم تخفي كرهها الشديد له، فما كان يقرأه الناس قديما مُصَوراً طمع وكره وسوء أخلاق وسواد قلوب البشر، وهم يمصمصون شفاههم ويتأهون بكلمات الحزن والإشفاق، أصبح يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الروسي أيامها لأنه وصف بكل دقة مساوؤه وبلاويه الإجتماعية والأخلاقية!
فكرت جديا في أنني سأدرس اللغة الروسية مستقبلا، وقد أتخصص في الترجمة من وإلى اللغة الروسية، ولكن بعد فترة عندما تعرفت على اللغة اللاتينية سحرتني وقلت أن دراستي ستكون للغة اللاتينية!
ولكن في الواقع لم أدرس أي منهما ولم أدرس غيرهما!
وربما خمد حلم تعلم اللغة الروسية داخلي لسنوات طوال، إلى أن ذهبت في رحلة إلى شرم الشيخ، وقابلت الروسية لينا - برقتها وبراءتها وضفيرتها الذهبية التي لم أرى مثيلاً لها إلا ضفيرة رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو!- التي أيقظت داخلي ليس حب اللغة الروسية وفقط، بل زرعت داخلي حب كل ماهو روسي!
ولكن الحقيقة الأن أن كل هذا قد تغيرت نظرتي إليه الأن.
..
ثالثها :
أن أحج بيت الله الحرام!
كنت في ذاك الوقت طفل في الإبتدائية، ربما كنت أجهل شعيرة الحج تماما ولا أعلم عنها سوى أن من يذهب إلى الحج يسافر إلى السعودية ويركب الطائرة ويوصله أقاربه إلى المطار في عربات تزينها الأعلام!
ربما أحببت هذا الحلم وقتها لهذه الأسباب، وكنت أشبط في أبي عندما يذهب لتوصيل أحد الأقارب أو المعارف إلى المطار، فقد كنت شغوف لمعرفة ورؤية أماكن جديدة، ولكن الحقيقة هي أنني كنت بعد أن ينطلق الركب بقليل يُصيبني سلطان النوم بسهامه، ويذهب الركب ويعود وأنا مازلت نائم!
..
لم أحقق أياً من هذه الأحلام، وربما لم يفت الأوان بعد لتحقيقها جميعها أو بعضها. ولكن ربما لم يحن الأوان بعد لبدء السير في طريقها، فالحقيقة أنني لم أتخذ خطوة جدية في سبيل تحقيق أياً منها. فلا لوم إلا علي!
مع الوقت تغيرت الأحلام، وربما في الواقع مصطلح أحلام لا يليق، فما احققه هي أشياء يتطلبها الواقع، لا أشياء يتطلبها شغفي أو أشياء رغبتها أو حلمت بها.
الأن ربما احتجت لبناء منزل من دور واحد، الحمد لله تم بناء الدور الأول والدور الثاني قيد التشطيب، ربما هذا الحلم-إن جاز- المادي أبسط في تحقيقه من حلم البيت، أي أن يكون لي زوجة أحبها وتحبني وأولاد أحاول جاهدا أن لا يحتاجوا لأي شئ وأن أعلمهم ما تعلمته أنا بثمن غالٍ.
ربما قيدتني متطلبات الحياة بالمبدأ القائل: الأهم فالمهم، أما المرغوب والمحبوب ففي الجنة بإذن الله!
أو ما أدعوه بالحرمان الإختياري، أي أنك تملك ثمن الشئ الذي تريده وترغبه ولكنك تحرم نفسك من إقتناءه لأن هناك ما يتطلبه الواقع ويجب إتباعه لتظل في زمرة العقلاء المأسورين لتدرجية الحياة والمشي على طريقها المستقيم دون أدنى حياد أو إلتفات. هناك ما هو أهم ويستحق أن نضع نتاج شقاءنا وتعبنا وجهدنا فيه!
فالحقيقة أن البعض يقبلون عن طيب خاطر إستعباد الحياة لهم، لا بتكالبهم عليها وسيعهم الحثيث لإغتراف خيراتها، ولكن بإتباعهم لمراحلها وخطواتها التي ذكرت في الكتاب، ذلك الكتاب الذي ربما قد ألفه مجموعة من المرضى النفسيين والجبناء، الذين كان يرعبهم مصطلح تمرد، فأسسوا دين الروتينية والتكرار.
..
اتمنى من الله عز وجل ان يحقق جميع امنياتك واحلامه وان تسعد فى جميع ايامك
ردحذفسعدت هنا جدا اخى الكريم
تحياتى ابوداود
كل الشكر والتحايا والمودة لك أستاذ محمد.
حذفواكرمك الله وأعزك وجعل كل أيامك سعادة.
السؤال
ردحذفياتري تعبت انك تحقق الحلم ومااتحققش ولا انت ماسعتش اصلا
الاحلام التلاته جميلة
ولسه في وقت تحققهم
صراحة أستاذتنا أظنني جعلت من قائمة الإنتظار مسكناً لهذه الأحلام!
حذفولأنه مازال هناك أمل ومازال هناك وقت لتحقيقهم فاظنني محظوظ، ويجب أن أتخلى عن كسلي واستجمع شجاعتي وأبدأ طريق تحقيقهم..أو ما تيسر منهم!
دوما أتشرف بوجود حضرتك
كل التحية والإحترام.
حاسه انك بجد حقيقي بتقول اللى بقالي فترة بفكر فيه
ردحذفان معظم احلامى بتتاجل لشئ الاهم او اللى ممكن بالماديات يخلص
وحتى المادة في فيها ضوابط ايه الاهم من المهم ايه اللى حابه اجيبه بس بكل الطرق وبعد الفتكير
في حاجات اهم منه
ودة بيطرنا نأجل احلامنا لحد ما بتكون مستحيله مع مرور الزمن والمسئوليات تكتر
ولأن كمان نشأتنا وتربيتنا ان في حاجات ملاهاش لازمه تصرف عليها فلوسك
وفي احلام كده مش لازم تتحقق دة مخلينا جوة اطار مش قادرين نكسرة كل شويه
تحياتى وبجد احلامك جميله اللى بتمنى تحققها يارب ان شاء الله
خاصتا انها مش حاجات مستحيل تحقيقها بالذات تانى وثالث حلم
بإذن الله ربنا يعطيكى القوة والوقت والشجاعه لتحقيقهم
تعليقك وضَّح وأضاف الكثير يا رنا :)
حذف..
أنا كسرت الإطار ببعض الأفعال التي ربما قوبلت بإستهجان، صحيح هي أفعال محدودة ومعدودة، ولكني شعرت بالتحرر!
..
أشكرك يا رنا وربنا يحققلك كل احلامك وكل اللي بتتمنيه. :)
نورتيني :)