الأربعاء، ديسمبر 24، 2014

وقفة مع آية 3




"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" النساء. آية 10.

  بعيداً عن التفسيرات المُتَعَارفة لهذه الآية، لإرتباطها بما قبلها وما بعدها من آيات، أرى في الآية أن الله لم يأمر من يخشى على أبناءه بعد الموت أن يجمع وأن يترك لهم مال أو أطيان، وهو ما يسعى له الجميع في زماننا وما قبله من أزمان، على أساس أن من يترك لأبناءه مال وأطيان سيضمن أنهم سيعيشون عيشة كريمة من بعده. ولكن الله أمر من يخشى على أبناءه من بعده أن يتقي الله، أن يكون من المتقين. وقد تتعجب، بماذا ستنفع تقوى الأب أبناءه؟ أليس ماله وأطيانه أفيد لهم من تقواه؟
ولكن بنظرة بسيطة في واقعنا، نجد أن كثيرين قد ترك لهم أبواهم المال الوفير ولكنهم أضاعوه وبددوه ولم يعيشوا العيشة الكريمة التي أرادها لهم أبواهم. وغيرهم لم يترك لهم أبواهم شئ، وتجد الله قد أكرمهم ومنَّ عليهم بعيشة كريمة.
إذ كثيراً ما نسمع عبارة: أنا بأعمل لك ده عشان خاطر أبوك.
أو: أبوك كان كريم معايا وعاوز أرد له حاجة من جمايله ومساعدته ليا.
وكأن من يتقي الله يُسخِّر الله لذريته من بعده من يعاونهم ويساندهم.

  ونجد مثال على ذلك في القرآن الكريم، في سورة الكهف، في قصة سيدنا موسى والخضر عندما أقام جداراً يريد أن ينقض، وعندما جاء تأويله لسيدنا موسى عن فعله قال:
"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا" الكهف 82.
فما فعله الخضر للغلامين، بوحي من الله، فعله لأن أباهما كان صالحا.
ونجد هنا الترابط بالتضاد بين وصف الذرية في الأية الأولى "ذرية ضعافا" وبين الأجل المراد للغلامين بلوغه "يبلغا أشدهما". وكأن التقوى والصلاح ترعى الأبناء من مرحلة الضعف والصِغر لمرحلة الشِّدة والكبر.
وهذا هو نتاج صلاح الأب وتقواه، تفيد أبناءه أكثر مما قد تفيدهم أمواله وأطيانه.
..

هناك 4 تعليقات:

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول