السبت، أغسطس 17، 2013

صمٌ بكمٌ عميٌ.

جميعنا نلجأ إلى الله بالدعاء دون أن تتغير أفعالنا ولا قلوبنا ولا نوايانا، فهل تراه إذن يستجيب؟
نحن نخشى قول رأينا كي لا نخدش صورتنا في أعين الأخرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدم. فالفكرة أن كلانا قد يكون على خطأ ولكن أن تحمل فكرة خاطئة أفضل من أن تحمل فكرة حمقاء.
أن تبني رأيك على رؤية أقرب إلى الشمولية والموضوعية غير أن تقبل وتعتنق رأي ضيق أرضعك إياه أحدهم عن جهل أو بقصد خبيث، أن تكون على علم بعشرة أسباب قد تفسر ما تراه وما يحدث وتختار من بينها واحد فقط، غير أن تختار سبب واحد فقط لأنك لا ترى ولا تعلم إلا هو وفقط.
أن تعلم أنك عندما تنظر للأمور من ثقب إبرة فإن محاولة توسيعه لترى أكثر لن تفيدك بشئ، لأنك في الحقيقة في حاجة لإزالة الإبرة بثقبها وإستبدالها بشباك لا تطوي حدوده عيناك. 
أن تحسب الأرباح والخسائر في ما تراه من منطلق رؤيتك لإتخاذ موقفك، غير أن تأخذ موقف دون أي حسابات لمكاسب أو خسائر ستترتب من إتخاذك لهذا الموقف.
أن تكون إختياراتك محصورة بنسب بين 45% لما ترفضه و 55% لما تقبله، غير أن تكون إختياراتك بنسبة 0% لما ترفضه و 100% لما تقبله، فلا يقين ولا حقيقة تجعلنا قادرين على الإختيار بنسب قاطعة.
إذا تسائلنا أيهما أقرب إلى الصواب، التفكير في دم الإنسان(الذي لا شك يُسال) أم في حريته(التي هي مازالت في علم الغيب)؟
فبماذا يمكننا أن نجيب إن أردنا أن نجيب إجابة واقعية؟
هل الصواب أن نتعامل مع ما وصلنا إليه دون التعرض لما مضى، أم الصواب إذا أردنا أن نصل لحل واقعي أن نتعرض للماضي لكي نحدد من الذي عليه أن يتراجع؟
من قبل كتبت أنه إذا أراد الله ليا الحياة وطال بي العمر وسئلت من أبنائي أو أحفادي عن أيامنا هذه، قلت أنني لا أخشى أن لا أجد إجابة لسؤال:
كنت هناك فكيف لم تفعل شئ؟
فهذا سؤال ربما إجابته سهلة، ولكن السؤال الذي يقتل تفكيري هو سؤال:
كنت هناك فكيف لا تعرف شئ؟!
كيف أننا هنا ولا نعرف شئ؟
جميعنا نشعر بالتخبط، نشعر أننا عميان رغم أننا نرى، ونشعر أننا صم رغم أننا نسمع، وكل هذا لأننا نسمع ونرى ولا نقدر على الفهم، فتخرج الكلمات من لساننا الفصيح مبهمة ككلمات البكم.
عندما تجد أن الأشياء واضحة أكثر مما يجب فالصواب أن لا تصدقها بسهولة. فالأكيد أن البعض يحاولون إتقان تمثيل بعض المشاهد ورسم بعض الصور ليصدقها الناظر والمشاهد بسهولة، ويقسم أنه رآها وأنها الحقيقة. وهو صادق فيما رأى ولكن هذا لا يعني أنه الحقيقة، فربما هذا في الحقيقة هو تم التخطيط له بعناية ليحل محل الحقيقة. فالحقيقة أغلب الوقت غير محسوسة بالبصر.
دوما هناك حقائق تساعدنا في الحكم على الأمور، وتحمي عقولنا من القصف الدائم للأسلحة التدميرية لترسانات الإعلام بكل أشكاله، فمثلا حقيقة أن الليل ظلام والنهار ضياء تجعلك قادر على تكذيب من يريك صورة له يظهر فيها ضوء النهار والأشياء من خلفه بكل وضوح ويحاول أن يقنعك أنها ألتقط له في الليل. ولكن حكمك هذا ليس حتمي الصواب رغم منطقيته وإستناده لحقائق، فربما بعمل فوتوشوب بسيط تم تحويل الخلفية الليلية للصورة إلى خلفية نهارية واضحة بشكل فج. واجبك فقط هو أن لا تجعلك يقينك في أن الصورة كاذبة 100% وأجعل لإحتمالية تعرضها لعملية فوتوشوب نصيب من شكك. أما صاحب الصورة نفسه فيتحمل عبء أكبر لأنه يرى الصورة نهار ويصمم أنها ليل دون حتى أن ينبه أن الصورة كانت ليلا ولكن الخبثاء قاموا بتزييفها.
كذلك نحن في مصر عندما نتحدث عن الإخوان وعن الشرطة وعن الجيش فإننا هنا لا نتحدث عن أشياء وأشخاص من الفضاء الخارجي لا نعرفها أو نعرفهم، بل عن أشياء وأشخاص نعرفهم معرفة تصل حد الكمال لتوجهاتهم وأساليبهم.
فالجيش والشرطة ليسوا جميعهم شرفاء ولكنهم يعجون بالسافلين والسفاحين والقتلة، والإخوان ليسوا جماعة إرهابية ولكن جماعة غبية.
فالإرهابي يضر عدوه، والغبي يضر ويدمر نفسه والأخرين الذين يشبهوه ولا يخدم إلا عدوه.
ولكن كيف أرفض الدماء وفي نفس الوقت أرفض الإخوان؟
هذه هي المعضلة التي نحن فيها، من رفضنا الإخوان ولم نسلم أو نصفق للعسكر ومن كنا ننتظر دور قادم بلا شك سنقوم به ضدهم جميعا لأجل هذا الوطن.
ولكن أظن أن لا أدوار بعد اليوم لأن السيناريو قد أخذ منحنى أخر من تبعات أفعال الأوائل.
الواقع الأن أن المعركة لم تعد بين الإخوان والعسكر، فقد دخلها أخرون من هذا الشعب لم يستطيعوا الصمت وسط كل هذه الدماء، وهذا لا يعني أبداً أنها كانت كذلك من البداية فالواقع أنها لم تكن كذلك، والواقع أيضا يؤكد أن من أرادوا لها أن لا تبقى كذلك نجحوا فيما أرادوا.
كيف تقدر الأن أن تقف بجانب من قبَّلت الأرض بين يديه داعيا إياه أن لا يلتقط الطـُعم الذي فيه هلاكه وتبعا له هلاكك ولكنه أبى إلا إهانتك وإبتلاعه كاملا، والأن يدعوك لتخليصه رغم أنك توسلت إليه أن لا يفعل ويهينك على صمتك وسكوتك؟
الجميع أصبح يلوي ذراعك بالدماء لتنضم إليه، فهل تستجب حفظا لماء وجه إنسانيتك مظهريا، أم تتبع قناعاتك وأفكارك التي تجدها منطقية جدا وتعزي إنسانيتك التي مازالت تحيا داخلك والتي سبَّها البعض وأتهموها بالإنتحار؟
لا حقيقة الأن إلا الدماء، ولا يجب أن يكون هناك توجه أو فعل إلا لحفظ هذه الدماء مهما كان الثمن ومهما كانت تنازلاتنا. تلك التنازلات التي في الحقيقة لم يفرضها علينا العسكر بل الإخوان.
..
يكفيني أن أكون صادق، ولا أخشى أن أكون مخطئ فهذا وارد جداً، فقط إتركوا أبواب الصفح والغفران مفتوحة لي إن أثبتت الأيام خطأي.

هناك تعليقان (2):

  1. فى الصوره
    اخوانى متزوق قدام الكاميرا و بيفكر هياخد الطلقه فين علشان حلمه يموت شهيد و يدخل الجنه بدون حساب ( فتوى عمو صفوت و مولانا بديع )

    العسكر و الشرطه بتدحك بخبث : متقلقش هنحققلك حلمك و ندخلك الجنه و مش ختحس بحاجه

    بره الصوره : الدم المصرى كله حرام و العسكر خاين و الاخوان خوان
    طيب نعمل ايه يعنى ، واحد عاوز يموت و التانى عاوز يقتل انت مالك بيهم

    القاتل و المقتول فى النار ، و لما المقتول ؟ لانه كان يحرص على قتل اخيه .

    ابكى على حالك او حال الوطن مش حاجه تانى .

    ردحذف
  2. "
    يكفيني أن أكون صادق، ولا أخشى أن أكون مخطئ فهذا وارد جداً، فقط إتركوا أبواب الصفح والغفران مفتوحة لي إن أثبتت الأيام خطأي."
    نهاية التدوينة وحدها تكفي
    تختصر معاني كثيرة في كلمات قليلة

    من ممكن يترك باب الغفران مفتوح لعودة من كانوا أصدقاء يوما والذين باعدت بينهم السياسة
    من ممكن يعترف بخطأه إذا ثبت دون غرور وعند مكابر!

    خالص تحيتي

    ردحذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول