الجمعة، يونيو 28، 2013

إنسف عقيدتك القديمة!

لأنني قارئ قديم لخطب الرفيق لينين، كان مما يثير إشمئزازي تلك العبارة النائمة بين قوسين بعد كل فقرة في الخطبة، ( تصفيق حاد)!
.
  هل تسائلنا يوماً لماذا بدأ المسلمون-ولا أقول الإسلام فالديانة ثابتة في قوتها ثبوت باعثها-أقوياء وأهل علم وفكر،ولماذا مع الوقت ضعفوا ووهنوا حتى وقفوا يتراقصون على حافة الإنهيار؟
بإختصار شديد جداً، لأنهم في بداية الإسلام أخذوا قطفته العقائدية الأولى النقية، فقووا وسموا وأرتفعوا بين الأمم، ومع الوقت بدلا من أن يأخذوا منه أخذوا من معتنقيه الذين فرقتهم الأهواء وضعف العقول، فلم يقودهم ذلك إلا إلى الإنهيار!
فنحن في زمن لو عاد فيه النبي محمد لقال له البعض، إذهب فنحن لا نعرفك ولا نريد منك شئ، إذهب فلدينا أئمتنا ومشايخنا ومرشدينا!
..
  كل مسلم يجيد القراءة يجب بصورة من الصور أن يكون فقيه، وأن يكون مفكر وأن يكون فيلسوف، وإلا فأنه لم يلاحظ في كتاب ربه العزيز من التساؤلات الربانية التي تحضه على التفكير والتفـَكـْر وإعمال العقل شئ.
وهذا هو ما أوصلنا لما نحن فيه من تدهور عقائدي وروحي وفكري وإجتماعي.
نحن في حاجة لبعث العقل داخلنا، بدلاً من إستهلاك نتاج عقول الأخرين بما قد تحويه من إعجواج وتطرف، فأزمتنا أزمة عقل، فالعقيدة الدينية وإن كانت في جانب منها تقوم على التراكم الروحي فهي لا تقوم على فكر أحمق بل على فكر سام وإلا لكانت الجنة مرتع للحمقى والمغفلين. نحن في حاجة للبناء من جديد على أساس غير ملوث بحماقات الحمقى أو غلو المغالين أو تهاون المتهاونين أو شطحات المجانين، نحن في حاجة لأن نؤسس لعقيدتنا كأن ديننا مبعثه اليوم وفقط، ولبنة بناءه-القرآن- هي ما يجب أن تكون أساس بناءنا. فالفكر المسلم على مر العصور قد إمتلأ بملوثات فكرية وعقائدية يصعب تطهيره منها، والسبيل الوحيد لذلك هو محو القديم بأكلمه والبناء من جديد على أرضية بيضاء نقية. فقد فسدت الرموز وأثبتت إنحطاطها، وإنعدمت الثقة في كل أحد وفي كل شئ، والسبيل الوحيد للبناء هو الرجوع للأصول.
فمن كان يتخيل أن نجد القتلة والسفلة والمشوهوين فكريا رموزا دينية ولهم تابعين ومؤيدن وحماة متحمسين؟
من كان يتخيل أن يُشوه الدين على يد أبناءه أضعاف أضعاف ما قد يشوهه على يد أعدائه؟
إذ هل الدين كمنظم للحياة يجب أن يكون أداة الصراع في الحياة بمختلف مناحيها أم يجب أن يكون مظلة الصراع الحاكمة بما يجب ويصح وما لا يجب و ما لا يصح، والضابط للسلوك والخـُلق؟
إن نظرة بسيطة حولنا تبين أن الدين أصبح أداة الصراع وليس مظلة الصراع، لكن مع فارق بسيط ولكنه جوهري، وهو أن حامليه كأداة، هم تقريبا أبعد ما يكون عنه.
إذ من منا نحن المسلمون يكره للإسلام الحق أن يسود فهو السبيل السهل والأكثر ضمانا لصلاح نفوسنا وصلاح مجتمعاتنا والذي سيساهم بالتأكيد في رفعتنا علميا وإقتصاديا، فحتى الدول العلمانية التي فصلت الدين عن الدولة تلتزم في مجتمعاتها بإتباع كود أخلاقي يلتزمه الجميع، لأن ذلك هو السبيل لتنظيم حركة المجتمع بعيدا عن العشوائية.
تلك العشوائية التي أصبحت هي السمة الأكثر تميزا في مجتمعنا، فنظرة سريعة على بلدنا ترينا مدى سوء وإنحطاط ما نحن فيه، فنحن في عشوائية فكرية وعقائدية هي المسبب الأساسي لما نحن فيه من عشوائية مجتمعية على جميع الأصعدة، سواء أكانت خلقية أو دينية أو سياسية أو غير ذلك.

   ما تشهده مصر حاليا يؤكد أننا في حاجة لنسف عقيدتنا القديمة وكذا نسف كل ما يمت لها بصلة من رموز تحولوا لما يشبه الأصنام ساهموا في إفساد المجتمع بدعوى إصلاحه وجره للطريق القويم، ما تمر به مصر للأسف يزيد فشل إلى جديد قائمة فشل الجماعات الإسلامية في مصر، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والتي منها محمد مرسي الرئيس الحاكم. فإلى جانب فشل تقديم صورة جيدة وصادقة عن الدين الإسلامي كديانة وعقيدة، أزادوا فشل تطبيق نظرية الإسلام دين ودولة، فالواقع يؤكد فشلهم-وهنا لا يجب التحدث عن مرسي وحده، فالتحدث عنه على إعتبار أنه الحاكم الفعلي والوحيد لمصر يعد حماقة- في إدارة مصر والتعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية، وكذا إفلاسهم الواضح من تقديم حلول لما تواجهه مصر أو ما يواجهوه هم انفسهم من نخب المعارضة السياسية ومن الحركات الشبابية وأخرها حركة تمرد.
فالواقع أن الرئيس الإخواني قد جاء إلى الحكم ليضيع الفرصة الوحيده للإخوان وللجماعات الإسلامية في إثبات جداراتهم ومهارتهم في أساليب الحكم وشئون السياسة. وهو الذي جاء لا بأصوات الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى، ولكن بأصوتنا نحن من تقطعت قلوبهم حسرة وهم يصوتون له بدلا من جريمة التصويت لأحمد شفيق، ولكن يبدو أن ما فعلناه كان هو الجريمة!

   على مدار فترة حكمه التي وصلت إلى عام، إلى جانب ما تسبب فيه من إنقسامات وما صنعه من تصنيفات وتقسيمات للشعب المصري صنعت هوة عميقة بين الجماعات الإسلامية وبين باقي الشعب، لم يصمت هو أو أيا من جماعته عن ترديد أنهم محاربين من النظام القديم الذي يريد فشلهم والرجوع إلى الحكم ولا يريد إستقراراً أو نجاحاً أو تقدماً لمصر، ولا أحد أبداً ينكر ذلك، ومن ينكره فهو ربما غير منصف. ولكن السؤال، وربما الأسئلة التي تطرح نفسها، هل الفلول وأذناب النظام القديم هم من إتخذوا قرارات مرسي الخاطئة؟ هل الفلول وأذناب النظام السابق هم من فرضوا الدستور المسلوق على الشعب وأغلب الشعب كان رافض له؟ وهل هم من فصلوا قوانين للإطاحة ببعض القضاة ولم يفكروا في قانون للبلطجة؟ هل الفلول وأذناب النظام السابق هم من وضعوا لمرسي الخطة الإقتصادية الفاشلة للخروج من الأزمة في مصر؟ هل الفلول هم من شكلوا حكومة قنديل المقدنلة بنيلة؟ هل الفلول هم من يكتبون خطابات مرسي؟ بل هل هم من يحركون لسانه؟!
ترانا إذا إستمرينا في التساؤل فكم هل سنضع؟
فكل هذا وغيره المسئول الأول والأوحد عنه هو مرسي وجماعته، وكل هذا أثبت فشلاً ذريعاً وأنحدر بمصر إلى ما يداني الحضيض، فهل بعد هذا يستطيع أحد أن يقبل ويتحمل فشلاً جديداً وإخفاقات جديدة متوقعة؟
..
    بعد عام قضاه مرسي وجماعته في نشر هيمنتهم على مصر وفي تصفية حساباتهم القديمة بدعوى التطهير،بعد عام من فتحهم الباب على مصراعيه للجماعات الإسلامية ولكل من إدعى الإسلامية والتدين بالتدخل في شئون الوطن وإدارته وكأنه ملك لهم وكأنهم وصاة عليه، هل ترانا ننتظر منهم الإلتفات لهذا الوطن والإهتمام بشؤونه كما إهتموا ويهتمون بشؤونهم؟
..
   مالا يعلمه الإخوان أننا تقتلنا الحسرة ويعذبنا المرار،فكم كنا نتمنى نجاح إدارة المفروض أن صبغتها إسلامية في إدارة البلاد، ولكن نكبتنا لا تقل عن نكبتكم، مع الفارق طبعاً.
لهذا لابد من نسف العقيدة القديمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول