الاثنين، أغسطس 19، 2013

هل يمكن جمع الخيوط؟

يحق لك أن تشعر بالإرتباك عندما تكون على معرفة بأشياء كثيرة ولا تستطيع الربط بينها أو سبر مدى صدقها أو كذبها، ولكن عندما تكون جاهل بكل شئ فأنت في هذه الحالة ربما لا يحق لك إلا الموت!.
فأنا أعتقد أن البحث عن الحقيقة في زماننا قد إختلف تماما عنه في الماضي، ففي الماضي كانت الحقيقة تـُستر أو يحفر لها بئر وتدفن فيه، وكانت طريقة قنصها هي حفر البئر وتناولها من قعره، أما الأن فالحقيقة توضع مكشوفة على السطح بعد خلطها بمليون كذبة وصورة زائفة، فمن تراه سيقدر على إستخلاصها؟
الكذب والتزييف في المقام الأول ليس من أجل كسب الند بل من أجل الحفاظ على المؤيد، فأنت تغذي مؤيدك بما يجعله يستمر في تأييدك ولا يهمك الند أحيانا لأنه في الغالب في واد وانت في واد أخر.
فالإنفصال بين أتباع الأطراف المتناحره يأتي في العادة في صالح الرؤوس التي تدير المعارك فلا هي تـُقتل حين الهزيمة ولا هي تدع لأتباعها شئ من الغنائم حين النصر.
لا يخفى على أحد أننا- جميع الدول العربية والإسلامية- نواجه حرب مؤامرات من قِبل أمريكا وإسرائيل ودول غربية، وربما لا يخفى على أحد أن غالبية -وربما كل- هذه المؤامرت تنفذ بأيدينا نحن.
وربما لا يرى البعض أنها حرب مؤامرت، بل حرب خيانة وعمالة وبيع أوطان على يد السلطات والقوى الفعلية في بلادنا، أو لنقولها واضحة بيع أوطان على يد جيوشنا العربية. ومنها الجيش المصري طبعا، أو لنقل قادة الجيوش.
ولكن في كل الأحوال كل طرح يحترم مادام لديه من الأدلة والبراهين ما يؤكد أو يدعم رؤيته.
عندما ننظر لما حدث في مصر في الفترة السابقة، ومازال يحدث يجب أن لا نتناوله بمعزل عن ما دار في دول عربية أخرى مثل العراق وسوريا أو ليبيا، وخاصة العراق وسوريا. وكذا لا يجب أن نتناوله بمعزل عن الصحافة والإعلام الغربي والمواقف الدبلوماسية والرسمية الغربية.
وكذلك ليس بمعزل عن الدراسات الأكاديمية المعنية والمتابعة للأحداث السياسية، بجوانبها الحربية والدبلوماسية والإستخباراتية.
..
ربما نحن كعرب قد نتابع الصحف والمواقع الإخبارية العالمية، ولكننا قد نهمل متابعة شئ هام، وهو متابعة المواقع البحثية والأكاديمية، والتي قد نجد فيها أشياء هامة جدا، بغض النظر عن ثقتنا في صدقها أو خلوها من روح توجه مقصود، فإنها على الأقل تفتح أمامنا باب تساؤل ومصدر معرفة يزيد من مساحة نافذة النظر للأحداث.
ربما كان من أخطر الأبحاث التي طرحت على واحد من هذه المواقع البحثية(global research) كان البحث الذي قدمه البروفيسور ميشيل شوسودوفسكي(Michal Chossudovsky) والذي جاء في ثلاثة أجزاء كان أولها قد نشر بتاريخ 9 أغسطس 2011.
وشوسودوفسكي هو أستاذ إقتصاد بجامعة أوتاوا بكندا، وصدر له كتاب(عولمة الفقر والنظام العالمي الجديد) 2003 وكتاب (حرب أمريكا على الإرهاب) 2005 وكتاب (تجاة سيناريو حرب عالمية ثالثة، أخطار الحرب النووية) 2011.
ربما يصعب عرض ما كتبه شوسودوفسكي تفصيلا، وسأضع في نهاية التدوينة عدة روابط يمكن من خلالها الإطلاع على المقالات ومقالات غيرها، ولكني سأحاول عرض لب الفكرة في بحثه أو مقالاته هذه.
في بحثه يربط شوسودوفسكي بين ماحدث في السلفادور بتخطيط من الولايات المتحدة كبداية للعبة قذرة وتم إعادة لعبها في العراق ثم في سوريا(تحت مسمى خيار السلفادورSalvador option) والذي هو بمثابة نموذج إرهابي(terrorist model) للقتل العشوائي الذي تقوم به فرق الموت المدعومة من قبل أمريكا. وربما في مصر بصورة أخرى لأعتبارات إختلاف مصر عن السابقين.
يبدأ بعرض ما يسمى بفرق الموت (Death squads) التي تدعمها وترعاها أمريكا، والتي تم تطبيقها الأول في السلفادور في عنفوان المقاومة ضد الديكتاتورية العسكرية، وراح ضحية أعمال فرق الموت هذه ما يقارب 75.000 قتيل في السلفادور.
في الفترة من 1981 حتى 1985 كان جون نجروبونتي(John Negroponte) سفير الولايات المتحدة في الهندوراس ومن موقعه هذا لعب دور رئيسي في دعم وتمويل مرتزقة الكونترا في نيكاراجوا (Nicaraguan contra mercenaries ) الذين كانوا يتمركزون في الهندوراس والإشراف على تدريبهم، والذين قاموا من خلال عملياتهم الإرهابية داخل نيكاراجوا بقتل ما يقارب 50.000 مدني.
بعد هذا النجاح الباهر لنجروبونتي، وبعد توليه منصب رئيس الإستخبارات الوطنية في إدارة جورج بوش، تم تعينه كسفير الولايات المتحدة في العراق في عام 2004، بتفويض رسمي ومهمة رسمية لتطبيق (خيار السلفادور) على العراق.
والذي عمل على تنفيذ الخطة بنجاح، ووصلت الأمور في العراق لما شاهدناه وعايشناه جميعا.
بقي أن نذكر أن أحد رجال فريق نجروبونتي في بغداد في تلك الفترة(2004-2005) كان روبرت ستيفن فورد (Robert Stephen Ford) والذي تولى منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا بداية من يناير 2011 ليقوم ببدء تطبيق (خيار السلفادور) على سوريا.
أنا هنا كما قلت حاولت أن اوضح لب فكرة شوسودوفسكي وسأضع الروابط في النهاية للإطلاع على جميع التفاصيل التي ذكرها، وفي النهاية هو مجرد طرح قد يثبت صدقه أو كذبه، ولكن يجب أن نعلم كل شئ ثم نحاول تقييمه، لأن الجهل بالشئ بكل تأكيد لن يفيد.
ربما من أهم ما قد نستنتجه من بحث شوسودوفسكي بعيداً عن صدقه أو كذبه- والذي يربط الأمور بمصر- هو سعي أمريكا لتوريط النظم التي تريد إقتلاعها من أجل تدمير دولها، هو سعيها على توريطها في العنف والقتل والتدمير- إذ يقول شوسودوفسكي أن حادث الحولة الرهيب والذي تم إتهام حكومة الأسد في القيام به، لم تقوم به حكومة الأسد ولكن قامت به الفرق التابعة للمخابرات الامريكية، وسط كمية كبيرة من الصور والأخبار المزيفة لتوريط نظام الأسد فيها، خاصة أن من قام بإمداد الجيش الحر بالأسلحة كان ديفيد بتراوس والذي عينه أوباما رئيساً للمخابرات المركزية-، وبهذا فهم يضعون الشعب والرأي العام أمام خيار: كيف تساند دكتاتور وقاتل ضد باحث عن حرية وديموقراطية؟
وهنا في مصر- وهو فرض إن صح موضوع فرق الموت هذا- ربما تم إستخدام الإخوان كفرق موت ولكن بشكل مغاير يتناسب مع مصر، وبالتأكيد كذلك تم إستخدام الجماعات الجهادية الموجودة في سيناء وغيرها.
فنحن نجد أن سياسة الإخوان كانت تميل دوما إلى إيصال الأمور لحد القتل وإسالة الدماء، وهذا ما عايشناه منذ الإحتكاكات الأولى التي حدثت أمام الحرس الجمهوري ثم نصب الجندي المجهول..إلخ. والتي كان الغرض منها جميعها إسالة الدماء لوضع الشعب أمام الخيار الذي ذكرناه سلفا.
وصولا لما عايشناه جميعا ونعايشه الأن.
الخطة الأمريكية تحرص وتعمل على حتمية أن لا تحوي المواقف على نقاط أو فرص للتراجع، وأن لا تحوي مصالحات أو إتفاقات أو حلول وسط، إذ يجب خوض الطريق حتى منتهاه بدون أي تغيير، فمثلا نجد أنه لا رجعة للجيش الحر عن مهمة تحرير البلاد وشنق بشار وأفراد نظامه، فلا تفاوض ولا مصالحة مع نظام دكتاتوري يقتل شعبه. وكذا نجد في مصر أنه لا رجعة عن عودة مرسي والشرعية، فلا تفاوض ولا مصالحة مع سيسي دكتاتور قاتل.
وعليه فالنتيجة المنتظرة من ذلك هو إما تدمير الجيش النظامي السوري تماما على يد الجيش السوري الحر، أو إستهلاك الجيش السوري الحر وإستنزافه لقوة الجيش النظامي السوري وتدمير البلاد. فلا وجود لفرضية المصالحة او الحلول الوسط.
وكذا في مصر، نجد أن الإخوان قد رفضوا كل الخطط والعروض التي تم طرحها لإقامة مصالحة، فالخطة أنه يجب خوض الطريق حتى منتهاه، إما بإنضمام كل الشعب للإخوان ضد الجيش والدولة، أو تدمير الإخوان ومعهم تدمير الدولة المصرية سياسياً ومجتمعياً.
لا يخفى على أحد خباثة السياسة الأمريكية في تناولها للأوضاع في مصر، فهي في بداية الأحداث رفضت الإعتراف بكون الأمر إنقلاب عسكري، ربما لتعطي إنطباعاً بأنها تدعم الجيش المصري وقياداته، والذي سيقابل بكل تأكيد بنقد وشجب من الألة الإعلامية الأمريكية، والذي سيكون مردوده في الشارع المصري بكل تأكيد هو التصعيد في مواجهة الجيش المصري الخائن المدعوم من أمريكا. ثم بعد أن أتت هذه الخطوة ثمارها وبعد سقوط أول قتيل تم تحويل الموقف قليلا ليتخذ مساره الأساسي، والذي تحول لدعم للإخوان عن طريق شجب وإنكار القتل والدم الذي يسيل على يد من المفروض أنهم يحمون هذا الشعب لا يعملون على قتله وإسالة دمه. ثم بعد ذلك تعود الخطة لتأكيد أن الجيش المصري تابع لأوباما عن طريق شجب الميديا الأمريكية لإدارة أوباما التي يتهموها بأنها ظاهريا تندد بالدماء والقتل بينما هي في الخفاء تحرك أصدقاءها في الجيش المصري لقتل شعبه. وهنا الناظر بنصف عين لا يفهم إلا ما تريده أمريكا أن يفهمه فيتحرك للإتجاه الذي يريدونه لتتم الخطة بنجاح.
يجب فقط أن لا ننخدع فيما نقرأه.
مثلما تجد البعض، وخاصة الإخوان في صفحاتهم على الفيس بوك، حريصين على ترجمة ونشر تقارير المراسلين الأجانب والصحف الأجنبية والتي يرونها مساندة لموقفهم رغم أن بها ما يدينهم، فتجدهم مثلا يترجمون تقرير لروبرت فيسك- وهو شخص أظنه يضعه البعض في مرتبة أظنه لا يستحقها، حتى أني أظنه كما وصفه أحد القراء في تعليق على مقالة له Fisk is rarely right about anything، أي أنه نادرا مايكون محق بشأن أي شئ!-، تجده مثلا في واحد من تقاريره والذي وصف ما حدث فيه بالمجزرة من قبل الشرطة والجيش يقول بصريح العبارة أن الإخوان ليسوا مسلحين كما يعتقد البعض، اللهم إلا شخص واحد رآه بعينه يحمل كلاشينكوف!
ثم في تقرير أخر، ترجموه منقوص كالعادة، عن حادث مسجد الفتح نجده أنه يقر بأن إطلاق النار كان متبادل ويقول أننا لا يجب أن نكون رومانسيين بشأن الإخوان المسلمين، ويقول أن زميله Alastair Beach رأى شخص وسط الحشود يطلق النار على الشرطة، ويرى فيسك أن فكرة الإخوان في الإعتصام بالجثث داخل المسجد هو أن الإخوان إحتاجوا لوجود هذه الجثث في المسجد، لأن يوم بدون وجود شهداء فيه قد يقدم فرضية إنتهاء الإخوان.
ولكننا سنعتبر كل هذا هراء وكذب وما هو كله إلا لعبة نحن فيها أوراق اللعب بيد المتقامرين ونحن من يملك المكان والترابيزة ومن يدفع الرهانات، كيف لنا إذن التخلص من كل هذا؟
لابد من وجود حلول وسط ومصالحات، حلول سياسية ومجتمعية، والرافض لها يكون قد كتب بيده شهادة إدانته، وللأسف فإننا منذ البداية لم نجد تحدي وتصعيد إلا من قبل الإخوان حتى وصلنا لمرحلة أصبحت الحلول الوسط والسلمية فيها أشبه بالمستحيل.
أنا هنا أكتب فرضيات تشير إليها دلائل ربما رأينا وعشنا معظمها، وأنا مازالت أتهم الإخوان بالخيابة وليس بالخيانة، فحق إتهام شخص أو مجموعة بالخيانة أظنه غير متاح لأي أحد إلا في ظل تواجد أدلة وبراهين يقينية على ذلك. كذلك فإنني لا أقر بشرف العسكر ووطنيتهم ولكني أرى أن كفة الأوضاع تميل بأقل الأضرار لجانبهم.
في النهاية لا أريد أن نظل على وضع (القيد في رقبتك ومفتاحه في يدك) أي وضع: أنا لا أمرك أن تكذب ولكن فقط لا تقول الحقيقة!
أي وضع رفض الدم والقتل وعدم القدرة على إتخاذ خطوة في سبيل تنفيذ ذلك.
=====
هذه بعض الروابط لبعض المقالات، وربما البحث قد يوصل للمزيد والمزيد منها.
http://www.globalresearch.ca/the-salvador-option-for-syria-us-nato-sponsored-death-squads-integrate-opposition-forces/31096

http://www.globalresearch.ca/1582-1610-1575-1585-1575-1604-1587-1604-1601-1575-1583-1608-1585/26388

http://www.globalresearch.ca/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA-%D8%A7%D9%84/5319630


هناك تعليقان (2):

  1. من نص التدوينة سيطر علي الرعب وانا بقراها

    وهذا الكاتب المضلل
    اللي قالك ان اللي وصله جوه رابعة كان يحمل كلاشنكوف
    وبعد كده يقولك مافيش سلاح في رابعة
    ماوصلوش ان امريكا مصورة رابعة وعارفة السلاح فين ؟؟

    ردحذف
    الردود
    1. مساء الخير أستاذتنا
      ما يجب أن نصدقه في المقام الأول هو أن الإعلام الغربي بوجه خاص والإعلام بوجه عام-وبه طبعاً إعلامنا- هو ألة كذب وترسانة قصف عقول، ومن يستشهد به كدليل على حقيقة مؤكدة ربما هو ساذج. ولكن ربما عرضنا له ليس لنستدل به على صدق ما نراه، بل لنستدل من صدق ما نراه ونعايشه على أنه كاذب.
      ربما أنا في متابعتي لبعض التقارير، والتي أثق أنها للتضليل ولزيادة الأمور سوءا وليس لكشف الحقيقة، لا أركز فقط على قراءتها ولكني أقرأ تعليقات القراء عليها، والتي في الغالب يتضح أن فئة غير قليلة منهم-أي القراء- يلاحظون الكذب والتلون فيما يكتبه الكتاب في هذه التقارير ويكيلون لهم السباب –المحترم- أحياناً!
      ربما من خلال مناقشاتي مع بعض أصدقائي على الفيس بوك ومنهم أمريكان وجنسيات غربية أخرى، وقد عرفتهم لسنوات لذلك فبيننا ثقة وتفاهم كبير، تأكدت أن الإعلام الغربي لا يخدعنا نحن العرب وحدنا ولكنه يخدع شعوبه أيضا، حتى أنني قد قلت لصديق أمريكي، بعد عدة حوارات عن سياسة أمريكا الخارجية- التي تقريبا جميع الشعب الأمريكي لا يعلم عنها شئ- ولماذا نكره أمريكا وما حدث في افغانستان وفي العراق، أن الشعوب في كل مكان ساذجة‘ إلا في أمريكا فالشعب أشد سذاجة!
      ولكن طبعا علاقتنا كانت في مرحلة تجعله يتقبل مني هذه الجملة!
      فالتضليل هو سمة هؤلاء الذين يتغنون بكل جميل من حريات وديموقرلطية بينما هم في الواقع يتمنون لنا الدمار ويخططون من أجل تنفيذ ذلك.
      ..
      جزيل الشكر أستاذتنا
      دايما بأسعد وبأتشرف بوجود حضرتك.

      حذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول