الأحد، أكتوبر 06، 2013

جمهورية ماتقدرش!

اليوم ذكرى نصر!
..
- يا بني إلعب بعيد عشان ما اضربكش!
ما تقدرش!
- عيب يا بني ما تعاكسش البنات، هو انت مالكش اخوات بنات؟!
لأ ماليش!
  ترى أيهما أحوج إلى القوة والمقدرة أكثر، فعل الفعل أم الإمتناع عن فعل الفعل؟
النبي عليه الصلاة والسلام قال:
ليس أقواكم بالسرعة ولكن أقواكم من يملك نفسه عند الغضب.
أي ليس القوي من إذا قمت بإستفزازه أو مناوشته سارع إلى ضربك وقتالك، ولكنه ذلك الذي تستفزه وتناوشه، وهو أقوى وأقدر منك، ولكنه يتمالك نفسه ويمد في حلمه.
أسوأ عبارتان تشكلان جانب مهم من ثقافة التعامل المصرية؛ الأولى:
ما تقدرش!
والثانية:
إنت ما لكش أخوات بنات؟!
وكأن في الأولى لو أنا المُخـَاطب فعلاً ما يقدرش، فهو تصريح لنا بأن نستمر فيما نمارسه.
وكأن في الثانية لو أن مالكش أخوات بنات فهو تصريح لك لتفعل كل ما ينافي الأخلاق!
غياب المنطق والطرح الصحيح والتعامل الصحيح مع ما نواجهه في الشارع من مواقف وأحداث جعل اللامنطقية هي السمة الغالبة والمميزة لتفكيرنا، بالتوازي مع تحريف المسميات والتشبيهات بما يتماشى مع رغباتنا وبما يلائم الموقف لصالحنا، جعلوا من الشارع ومن المجتمع نطاق عشوائي تاهت وضاعت فيه الأخلاق والحقوق.
المجتمع المصري من قديم الازل مجتمع حاضن ومتسامح، كما أنه مجتمع صارم تجاه من يرغب في صبغه بصبغته. فالتاريخ يشهد أن مصر قد إحتضنت كل الحضارات والأديان ولم تندمج معها، بل جعلت هذه الحضارات والأديان نفسها تندمج وتنصهر في ومع المجتمع المصري، فالقوى الخارجية التي احتلت مصر على فترات مختلفة من تاريخها لم تستطع أبداً إختراق النسيج الأجتماعي والثقافي للشعب المصري، من أيام الهكسوس وحتى الإحتلال البريطاني.
فالبطالمة والرومان واليونان والبيزنطين وغيرهم قد عاشوا على أرض مصر دون أن يستطيعوا العيش فيها، أو صنع أو صياغة عيشها وإعادة تشكيله على نماذجهم. ربما تركوا من الأثار المادية الكثير، ولكنهم لم يتركوا أي أثر في شخصية مصر أو في شخصية المواطن المصري. والحقيقة والواقع والتاريخ أثبتوا أن الحضارة الوحيدة التي أثرت في المصريين بشكل معوني وأخلاقي وكياني كانت الحضارة العربية الإسلامية، وهذا دليل على أنها كانت مختلفة عن كل الحضارات التي مرت بمصر، وأن المصريين أنفسهم تعاملوا معها بشكل مختلف.
يجب علينا اليوم أن لا نهرب من سؤال مذا حدث للمصريين؟ ماذا حدث لنا، خلقيا وأجتماعيا وفكريا وعقائديا؟
ويجب علينا أن نجد إجابة صحيحة وننطلق منها إلى إصلاح ما فسد وتقويم ما اعوج.
فمصر كانت مثال دائم في التسامح والتعايش، فكما قلنا أنها احتضنت جميع الحضارات والديانات، وتسامحت مع الأخر الغريب الوافد. كيف لنا اليوم لا نستطيع أن نتسامح وأن نتعايش مع الشريك المقيم معنا في نفس الوطن؟
..
اليوم ربما لم أرد الكتابة عنه لأنني خشيت أن تنضح تشوهات أفكاري على ما أكتبه فيظهر كالمسخ.
ولكنني قررت أن اكتب جمل بسيطة مختصرة ربما تفاديني الوقوع في شرك لا أود الوقوع فيه، ولا أتغابى بالوقوع فيه طالما أنني قادر على تفاديه.
في مثل هذا اليوم من ست سنوات كانت أول تدوينة لي. ولن أكتب عن هذا أي شئ، ربما تتاح الفرصة لاحقاً في العام القادم إن طال بنا العمر.
وفي مثل هذا اليوم من أربعين عاماً كان نصر أكتوبر. وربما ساكتب جزئية، هي بكل تأكيد لا تضاهي عظمة اليوم أو الحدث، ولكنها- مثل ما كتبته بالأعلى- تتماشى مع الحدث في الشارع الأن.
اليوم هو السادس من اكتوبر، ذكرى نصر اكتوبر العظيم، ذكرى كل من ضحى من أجل هذا الوطن، بحياته أو بدماءه أو بقطعة من جسده. ذكرى من أحبوا هذا الوطن وترجموا محبتهم لفداء أتى بنصر مؤزر، ذكرى من عاشوا في وحدة وأخوة ومحبة وتقاسموا البسمات والدمعات قبل الخبز، وتشاركوا الألام والنشوات بنفس الصرخة وبنفس التنهيدة الراضية.
اليوم نعيش المشهد عندما يكون الإحتفال بالنصر هزيمة.
فعندما لا تكون هناك وحدة وأتحاد، ولا يكون هناك حب وتوافق. عندما تـُقسَّم الشوارع وتتضاد الألوان وتتقاتل الهتافات وتتباغض القلوب وتشع الأعين غضباً وحقداً وكرهاً.
فأعلم أنه إحتفال يليق بنكسة لا بنصر.
Top of Form

هذا الوطن من قديم الأزل قد جمع أبناءه في بوتقة من الود والتعايش والوحدة، وواجبنا جميعاً في المقام الاول الثبات على هذا الوضع وتقويته لا الحيد عنه وتفتيته وقتله.
ربما قد كتب علينا أن نمارس حُسنيات المبادئ مع من إدعاها وتولى عنها ومارس معنا ضدها!
وربما هذا ليس بالشئ الكثير لنفعله من أجل هذا الوطن.

هناك تعليق واحد:

  1. البينة على من ادعى، والكذاب كذاب حتى لونفش ريشه وخدع

    ردحذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول