السبت، أكتوبر 26، 2013

رحلة على ضفاف ملامح ربة الخجل


ملاحظة
هذا جزء من (شئ) كتبته ربما من زمن يقارب خمس عشرة سنة، كنت في الإعدادية حينها، وجدته في واحدة من كراريسي القديمة.
تحت نفس العنوان، وأخترت منه أجزاء بنصها دون تعديل وتركت منه أخرى ربما انشرها في وقت لاحق. وربما لا أنشرها فهي ربما مثل هذه لا تستحق، وأجدني عاجز على تذكر كيف كتبتها أو ماذا كنت أقصد!
..
...
تـُشْرق
فتتوارى الشمسُ والأنوارُ خَجَلاً
وتجْحَظ عُيونُ الصيادين في نَهَم
مُسَددتاً سهام نظراتِها الوَقِحَة نحوها
فأكـْرَهَهُم!

تـَسْطعُ
كإشْراقة للنور في العَمَاء
كأمَل في قـُلوبِ اليَائِسين
كيَقين في رَوح حَزين
يُبَشـِّره بأنه مَحْبوب
فلا...
لا تقربوا شمسي المشْرقة
لا...
لا تـَنْظروا إليهَـا
فتـَهْتكوا أسْتـَارَها الطـَاهرة
...فليُصيبكم العَمَاء!

زهـْرَتي
ليْسَت منظراً لسَكب النظرات عَليه
أو التـَمَتُع بالنـَظر إليه
لا تصْغوا لوَقـْع خطواتِها
حين تـَمْشـي
فقـُمْريَتي لا يَسْمَع سَجْعها سِواي
فلا يُذابُ من تأثيرهِ مِثلي أحد
ولا يَعْشقه غيري كما أعْشقه
فهو مِلـْكـي
وأنَا مِلـْكُهَـا
وأنَا لهُ تـَابع أينما كان!
...
لو استطعت
لوضَعْتها في قصر أشَيِّده
على نَجْـم الثـُرَيا
لا أحد سواي إليهِ يَرْقىَ
لا أحد غيري يطْرق أبْوابَه
ويَطوف حـَول أسْواره
ويدور معها وسَط زهور حَدائِقه.

هناك...
فـِي السَمـَاء
على عَرْشِها تـَجْلس
تـَدورُ من حولها النجومُ والكواكبُ
حَلـَقـَـات
تسْتـَنير من هَالاتِ نُورها
تسْتـَدفئ من حَرارة
أنـْفـَاسِها المُتوهِجـَات
فشَمْسي
إذا مَرّت من طـَريق
وكان ليلٌ بارد الشِتـَاء
صَهَرت سَوادَه وزمْهَريرَه
وبدَّلـَتهُ دِفء وضيـَاء
وكم لا أحبُ ذلك
مع عِشـْقي له
فهو يجْعلها هَدفاً أمام
أعْين الحُسَداء.
...
وعندما تجيئُ
يَعـُمّ شذاها الأرجاء
كمجـْمَرة
مَنْصوبة في حَدَائق بَابل
يتصَاعد منها البخور
مُخـْتلطاً بشذى الزهور
فيَطيـرُ
عَارجاً إلى آفـَاق السَمَاء
ماراً بينابيع القمر الزرقاء
فيُعَطِرها
ليَدور بَعدها على النجوم
بثوب مخملي دافئ
يدثر الفضاء.

يَمرُ شَذاها بالعشاق
على ضِفاف النيـل
فيتـَنَفسونَه
فيُشْعل أرواحَهم عِشقا
رحيق للحيَاة والنـُشور
...
إنها القيثارة بخيوط الذهب
مَشْدودة أوتـَارُها
تعزف أعذب الألحان شفتاها
فيغني معها الجَمَادُ
ويَسْكُن الجبلُ الجَامِحُ
وترقص جَلاميد صُخوره
سحراً وطرباً
يُردد العندليبُ ألـْحَانـَها
فتُدَندن البلابلُ على غِنـَاءِه
ويَرجع الصَدى
في تـُلول أرض العَاشقين.

يُرددُ العشاقُ لحنَها العَذب الشَجي
ويَسْحَبهم إلى آفاق سَماء الخيـَال
تلك التي ليس فيها شئ مُحَال
ليس فيها شئ ليس مَفـْعول
ليس فيها مُحب لا يستطيع
إلى حَبيبه الوصول.

إنها ملكة الحب في مملكة الخيال
إنها الرسولة المبشرة
بحدوث ما كان يقال له مُسْتحيل
إنها الرَسولة التي لم يَعْصِها أحد
ممن إلى دعْوتها دَعَتهم
إنها الرسولة التي للكل
مَلـْجـَأ ومــَأوى
فهي لكل طِفل
صَدْر أمه الحـَاني
لكل مَريض أمَل الشِفاء القريب
لكل غريق
طـَوق النجَاة والشاطِئ الداني
لكل حبيب أمل لقاء الحبيب
فكـَيفَ
لا يَتبِعها من يَأملُ في حُدوث
ما تتمَنـَّاه نـَفـْسُه.

إنـَّها الجميلة كزهرات الخمَائل
كحُوريَات الجـِنــَان
أو كفـَيْروز الشُطـَّآن
إنها ربة الجمَال والخجَل والجَلال
لهَا مَعْبـَدُها
في سَمـَاء النـَقـَاء
على مَذبَحِها تُعَمَّد كُل خجِلة عَذراء
لتكُون في الحُب مِثـَال.

تغـْتسِل على عَتبَات مَعْبدها
كل فتاة لتكون في الحب
مثالا للصَفـَاء
فهي الرَبَّة التي بمَعبدِها
تعيش الفضَائلُ والصِفات
فهي الربةُ التي تـُنْعِم بصِفاتِها
على كل مُتبتلة في مَعبدها
ترجوها أن تمنَحَها بعض الهـِبات
أن تكون رسولتها لبني البشر
تنشر دعْوتـَها
ليعم العَفافُ أرجَاء الكـَون
من بداية أسواره المشتعلة
إلى نهَايته الظـَلـْماء.
...
وعنْدما تـُواري خيوط الشمس
المُنـْسَكِبة من رأسها
تحت الوشـَاح
يَطـُف سَنـَا لمَعَانِها من تحْته
يَرْجو الفِكـَاك
وقبل مَوْسِم الحَصَاد
تـُوزِّع ذهَبَها على السَنَابل.

وعندما تـُرْخي جدَائلها
في دهَاليز حُجْرتِها
تأتيها الرياحُ الصَيفية المَرحَة
تـُدَغـْدِغُها
فتـَنـْجَابُ ورَاءها
عَارجَة إلى السَمـَاء
تنتشرُ بين الكـَواكِب
وترسمُ حول زُحَل حَلقـَاته
وعِندما يَنزل المَطرُ
على مِفـْرقها
يتـَقـَطر بين خُصْلاتِها
ليَسْكن ضياؤهُ نور النجوم
ثم يَعـُود
فيَرْقدُ بين الجَدَائِل الرَاقِدة
على وسَادتِها
ويَأتي النـُور.
...
وتمرُ بجَانِب البُحَيرة الفضية
في ساعة الظهر اليقظاء
فيفـور الماء
ويتـَمَنىَ
لو مَسَّت مِنه قـَطرات
أطرافَ جَدائِلها الذهبية.

وتتـَقافز الأسْمَاكُ في مرح
بإتجـَاه الضـُوء
القـَادمُ مع قـُدوم ربةِ الجَمَال
ويراها الصَيَادون
فيُبْهرهم بَريْقـُها
ويَنـْجَذبوا إليْهَا كـَعَروس المَاء
وإلىَ الشاطئ
في عَجَلة يُجَدِفوا
ليلـْحَقوا برَكـْبِ الأميرة
قبل الفـَوات
ولكن تـُغـَادرُ الأميرة السَاحِل
بعد لحَظـَات
فيُقـْهَرُ الصَيادون
ويَعودوا في مَرَاكِبهم إلى السُبَات
وهم يُودِعون على البُعـْدِ
أخر أنـْوار الخُصْلات.
..
...

هناك 10 تعليقات:

  1. ايه يا عم الكلام الجامد ده
    لا بسم الله ما شاء الله عليك والله يا احمد
    اعدادى وكاتب الكلام ده ,, دا الواحد يروح يدفن نفسه بقى
    ده اعددى ده بالنسبالى كانت حياتى عبارة عن خناقات ومعارك وكل يوم بمصيبة شكل ههههههههههههههه
    والله يا احمد بعد فى الشعر والكلمات فوق الرائع
    تحياتى صديقى
    دمت مبدعا

    ردحذف
    الردود
    1. ماهو أنت لو كنت شفت اللي ألهمتني الكلام ده كنت هتقول شد حيلك شوية ده مش كفاية!
      صاحبك كان حساس جداً وهو صغير! ههههههههه.
      بصراحة يا محمد أنا أوقات أبص للتواريخ إللي تحت الحاجات اللي أنا كنت كاتبها وأنا صغير وأقول أنا أكيد مزور التواريخ دي!
      بصراحة أنا مش مهتم بجودة الكتابات دي بقدر ما أنا مبسوط إني وأنا في سن صغير كنت بأكتب وبأعبر عن اللي جوايا وشغوف إني أقول وأكتب، مش زي دلوقت كل حاجة إتلخبطت!
      ..
      ربنا يكرمك ويعزك يا صديقي، سطر واحد تكتبه بكل ما كتبته أنا وما سأكتبه، يكفي أن به إحساسك النفي الصافي وفكرك المستقيم السامي.
      كل الود والمحبة يا صديقي.

      حذف
  2. كلمات جميلة ومعبرة وتشبيهات بديعة بالنسبة للمرحلة العمرية التي كنت فيها! ولكن الغريب أنك لا تذكر سبب كتابتك لها!

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك يا مروة على كلماتك الطيبة.
      الحقيقة أنا عاجز عن تذكر كيف كتبتها لا عاجز عن تذكر سبب كتابتها. وهو تعبير لا يمثل تقرير بقدر ما يمثل تعجب!
      فقد إكتشقت الأن أنني كنت في تلك السن المبكرة أقدر على إستكناه الأشياء ورؤية غير المنظور فيها وتذوقها، مني الأن. وربما هذا ما يجعلني انا نفسي أحتار في معناها!
      ..
      كل الشكر على وجودك الذي أسعدني وعلى كلماتك الطيبة.

      حذف
  3. ما شاء الله
    الديك الفصيح من الاعدادي بيصيح :)
    ونفسه طويل كمان :)
    شعر جميل جدا ويدل على وعي ونضوج فكري و ادبي مبكرين.

    بالاعدادي انا كنت مشغوله بالاغاني و فناني هوليوود ...بس ما كنتش سطحيه اوي يعني وكان عندي افكار كبيره برضو لكن ما دونتهاش للاسف :( كنت أدون بعقلي وبس ...ولا اذكر حتى اني عمري كتبت اي خواطر على الورق ...لما بدأت اكتب فعلياً كان على الكيبورد من خمس سنين تقربيباً :)

    ردحذف
    الردود
    1. الديك الفصيح من الاعدادي بيصيح !
      هو بصراحة الديك مش فصيح أوي يعني، لكن أهو بيصيح :)
      ..
      هي الفكرة إننا كنا مشغولين أيا ما كان اللي شاغلنا، وسواء كنا خطينا أفكارنا على الورق أو دوناها في عقلنا فده في حد ذاته شئ جميل. أنا أعرف ناس في السن ده عمرها ما قرأت حرف أو شغلت دماغها بأي حاجة مفيدة.
      عُمر الكتابة مش بالسنين اللي كتبنا طوالها، لكن بالسنين إللي في كتاباتنا نفسها، يعني الخمس سنين دول ممكن يكونوا خمسة قرون، أو خمسة الأف سنة! :)
      ..
      دوما تسعدني جداً طلتك أستاذة سهير.
      أشكرك.

      حذف
  4. ما شاء الله
    ده وانت كنت فى اعدادى
    تقريبا أنا أكتر واحدة فيكوا بدأت كتابة متأخرة .. والغريبة انها مكانتش فى دماغى خالص .. بس لما كان حد أو حاجة بتزعلنى بكلم ربنا وأشتكيله بالكتابة .. وكانت كلمات هبلة وطفولية أوى
    أكيد طبعا مش هقول كلام أحلى من اللى اتقال فوق
    فسيبك من كل ده بقى
    واحكيلى مين الملهمة اللى خلتك حساس ورومانسى كده
    قول وانت عارف سرك فى بير بيسرب طبعا

    ردحذف
    الردود
    1. بدأتي متأخرة يمكن، لكن الأكيد إنها كانت بداية قوية. وفي ناس موضوع الكتابة ده ماكانش على بالهم خالص لكن اما كتبوا أبدعوا.
      ..
      عارفه بيسرب على ودان أم سحلول على طول!
      لكن أنا ما بأخافش! عشان كدة هأقولك... الملهمة..يا ستي الملهمة..الملهمة..تخيلي نسيت! الزهايمر بقى! :)
      :)

      حذف
  5. الردود
    1. أنا لابس حجاب فالحسد مش هيصيبني ! :)
      ههههه..مش مبدع أوي عشان أتحسد :D

      حذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول