وسط كل ما حوله لا يدري لماذا قفز إلى ذاكرته هذا المشهد
حتى غاب عن كل ما حوله و عاش المشهد من جديد...
في ذاك
الصباح الشتوي البارد عندما دخل على والدته المطبخ و وجدها تفعل شئ غريب،كانت تقوم
بتسخين منشفة قطنية على النار بوضعها فوق غطاء إناء به ماء يغلي، ثم تتأكد من
دفئها ثم تضعها مكان المنشفة الأخرى التي تغطي بها جسد بطة صغيرة !!
سألها :
إية ده يا أمه ؟
فأجابت :
يا حول الله يا ابني البطة الصغيرة دهه نسيتها برة
امبارح و انا بأبيت البط و تلجت يا عيني تحت الشتي و البرد !!
..ثم أردفت..أنا عاوزة أدفيها شوية يمكن تعتق و ما
تموتش..يا حول الله يا رب..و الله يا ابني ما أخدت بالي انها غايبة..يا حول الله
يا رب !!
..ثم تقوم بتغير المنشقة التي بردت بالأخرى التي أدفئتها
النار..
حينها نظر إلى البطة المسكينة، وأشفق عليها جدا،فقد كانت
منكمشة على نفسها و تفتح عينيها بصعوبة بالغة..أراد أن يقوم بتدفئتها مع أمه..كاد
يبكي..بل ربما بكى و لكنه كتم بكاءه، فقد خشي أن تراه أمه و ترى رَجُلها الذي
سيذهب إلى الجيش قريبا يبكي..
كثيرا ما
سمع سخرية لاذعة من قريبه، ذاك الشخص الذي لم يكمل تعليمه و لكنه كان يعتبر نفسه أعلى منه فهو لم يدخل مدرسة من الأساس، و لكنه-قريبه- كان به بعض الذكاء و الخبث..و كان
أيضا محظوظ فقد قضى جيشه،منذ عشر سنوات، كسائق لأحد الرتب العالية في الجيش،و لم
يكن هذا هو ما جعله محظوظ كونه لا يقف خدمات أو كونه يأكل من ميس الضباط لأنه تابع
للباشا،أو كونه لا يتم تذنيبه بــ ستة إستعد ، بل لأنه كان يقوم بتشغيل سيارة
الجيش كسيارة أجرة، ينفق على نفسه مما يخرج له منها، فقد كانت حالته المادية معدمة
!!
كان قريبه هذا دوما
يسخر منه و يقول له :
إنت أخرك مِقَش في سلاح المقشات !!
فقد كانت هذه هي التسمية التي يطلقها على سلاح الأمن
المركزي، و الذي بالتأكيد سيكون مصير صاحبنا إليه !!، فقد كان دوما يقول له أن هذا
هو سلاح الغلابة أمثاله الذين ليس لهم في الطور و لا في الطحين و يتم سوقهم
كالأغنام و جمهم و تفريقهم بالعصى !!
كانت هذه الكلمات تثير غضبه..بل كانت حقيقة تشعل في قلبه
و روحه نيران لا تطفأ،و كان يعارضه و يقول له أن هذه خدمة للوطن ،و أنه-أي قريبه قريبه- كان
يعمل مرماطون عند الرتبة التي كان يعمل سائق له !!، فكان قريبه يضحك ببرود و يقول
:
بس برضه أحسن من سلاح المقشات !!
و رغم معرفته
المسبقة أنه سيكون مقش في سلاح المقشات،فهو أُمي، فلاح و ليس معه أي صنعة أو مهنة يمكن ان يمتهنا في الجيش أثناء فترة خدمته، كان
يطمح في الكثير..كان يرغب في الحرب !!،ربما شدته وسلبت عقله أفلام الحرب التي كان
يشاهدها و هو صغير،و من منا لم تشده و تسلب لبه هذه الأفلام !!،كان يريد أن يكون
بطل..كان يريد أن يحرر فلسطين و أن يطرد أمريكا من العراق،و رغم أميته كان يعلم
تمام العلم أننا مهما ارتفعنا فنحن مازلنا في الحضيض مادام هذا الخنجر مغروس في
كرامتنا،و لن ينزع هذا الخنجر إلا بالحرب، و رغم أنه كان لا يطيق منظر الدم، و كان،
حتى في سنه هذه ، لا يستطيع أن يرى أبيه يقوم بذبح فرخة أو بطة، وعندما قال له
أبوه أنه يجب أن يأمره بالذبح حتى إن غاب يذبح هو،قال له أنه أبدا لن يقدر على ذلك
حتى لو تزوج وأنجب عشرة أطفال !!،و لكن الغريب أنه رغم ذلك كان يتخيل نفسه يسيل
دماء الأعداء و يقتلهم و يذبحهم و يحرقهم...و لا يشعر بأي خوف أو شفقة..
الأن ها هو
واقف وسط زملائه في كامل تجهيزه،مرتديا زيه الأسود معتمرا خوذته و في يده اليسرى
درع للحماية أما اليمنى فبها شومة من أجل الضرب و تكسير العظام !!
....
ربما إستفاق من سرحانه في وسط هذه الجلبة و الصراخ و ضرب
النار و رشاشات المياه،و أصوات مختلطة تحمل كلمات ربما لا يفهما..و ربما يحبها و لكنه لا يستطيع
التعبير عن ذلك، الشعب يريد..!!..سلمية..حرية ..!!
..إستفاق على صوت قائده..لم يميز
الكلمات جيدا..و لكنه أعتقد انه سمعه يقول :
سلاح المقشات..إستعد !!
ان تتحول السذاجة و البساطة و الطيبة الى سلاح في ايدي الطغاة لهي جريمة اكبر من قتل كل الشهداء
ردحذفان يتحول البريء الى مجرم لهو ذنب عظيم يجب ان يحاسب عليه كل من قتلوا بداخله الروح الطيبة
تحياتي لك
الكل يحلم بان يحارب اعداء هذا الوطن لكنهم بطمعهم يحولوننا انفسنا الي اعداء الوطن
ردحذفلانهم يظنونه ملكهم و نحن الغرباء يريدون سرقته و نحن الملاك الاصليون
يستغلون براءة بطلك و امثاله لتنفيذ سرقتهم
يسرقونه منهم بواسطتهم
و هي دي قمة السخرية او المسخرة
تحياتي لافكارك و ابداعك :)
فكرة البوست رائعه
ردحذفللاسف يستغل هؤلاء ليصبحوا اداه
يحاربون الاعداء نعم هم يعتقدون ذلك
لكن الحقيقه انهم اعداء رؤسائهم فقط
لعل الاتى افضل
دمت بخير
حسك الوطنى رائع وكلمات لابد ان تضع فى الاعتبار
ردحذفرائعه كلماتك تخى ومهمه جدا سعيد بتواجدى هنا
تحياتى ابوداود
مساء الغاردينيا
ردحذفشدتني في البداية حنان أمه وخوفها على البطة
ثم تلك الدمعة التي كادت أن تغادر عينيه
ثم حواره مع نفسه وخوفه ..
ولن تقاس الطيبة يوماً سذاجة أبداً
وخدمة الوطن هي أجمل شرف يناله الإنسان "
؛؛
؛
دائماً قصصك مميزة
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas
القصة رائعه جدا وغزاها جميل
ردحذفوكتير أوى من العساكر الغلبانين اللى
زى ده واللى مضحوك عليهم واللى مغلوبين على
أمرهم هما بيحولو بشتى الطرق ينزعو الرحمه
من قلوبهم ويجردوهم من انسانيتهم
المصرى على الجانبين ضحية جلاد لا يرحم
ردحذفولن يرحم
الغد لنا وإن طال الليل
تحياتى دوما
تحياتى على ابداعك الدائم
ردحذفولكن للأسف دائما ما يكون عساكر الامن المركزى وعاء فارغ يصب فيه قيادات الداخليه ما يشاءون
تحياتى
حزينة قـــوي، والكلام عن البـــطة مؤثر
ردحذفلو كان الفقر رجلا لقتلته .. هكذا قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :(
دايما أفكار تدويناتك جميلة وليها هدف رائع
ردحذفتحياتى لابداعك
زعلتني اولا عشان البطة وانت عارف اختك قلبها حونين اوووي
ردحذفوبعديت الحمد لله انك مدخلتش جيش والا ماما كانت عملت مصيبة عشانك
بس الغريبة اني عمري ما تخيلتك يا احمد لا بتدبح ولا بتقتل حتي ولو كان عدو
بحس انك طيب اةووي وزيادة عن اللازم برغم انك بتخوفني لما بتأخر برة
بس برضة بحس فيك انك غير الاخوات اللي كنت بسمع عنهم من اصحابي
الحمد لله انك اخويا وربنا يخليك لي
ودمت مبدعا
المهم البطة ؟ حصلها إيه ؟ عاشت و لا ماتت ؟
ردحذفأه عشان منهزرش يعني ، كنت و أنا صغيرة زي صاحبنا
فاكرة إن مهمة الجيش الحرب بس
لكن كبرنا و فهمنا و عشنا و شفنا
جميلة أوي زي كل اللي قرتهم ليك
في انتظار جديدك :)
أشكر كل الاصدقاء على مرورهم الذي أسعدني و شرفني جدا، وكنت أود أن أرد على كل تعليق على حدا،و لكن كما تعلمون فالوقت ضيق و نريد متابعة أكبر عدد من التدوينات،و لكن الأكيد أنني قد قرأت تعليقاتكم جميعها و أسعدتني و تعلمت واستفدت مما فيها..تحياتي و ودي و احترامي لكم جميعا.
ردحذف