صعب أن نؤمن أن الجيش يفعل ما يفعل بنية صافية ومن أجل الله والوطن، فالجيش قد لا يقتل الشعب عمدا من أجل أي شئ أو أي شخص، ولكنه قد لا يمتنع عن الركوب فوق أكتافه، وقد لا يمتنع عن ممارسة العنف في الشارع -وقد يكون هذا مبرر أحيانا!-، قد لا يكون قادرا أو راغبا في ممارسة كافة شؤون السياسة ولكن الأكيد أنه راغب وقادر على تسيير وتوجيه بعض الأمور كما يريد.
مسألة الإستقواء بالجيش نفسها خطيرة جدا، فلو تكرر نفس السيناريو مع الرئيس القادم فسنصبح دولة عسكرية إلى ما شاء الله. فستكون رؤية الجيش هذه المرة هي أنه طالما إنكم كل يومين تخلعوا رئيس وأقف معاكم، فأنا الرئيس وشوفوا مين هيخلعني!
..
أتمنى أن نعي جميعا الدرس جيدا وأن نستغل الفرصة بما تستحق أن تستغل به، لأن الإعتقاد أن الأمور ستسير كل مرة كما نريد سذاجة، لذلك فلنحسن الفعل والإختيار ولا ندع شئ للظروف والرهانات.
أما من يظن أنه محارب وأن المؤامرات تحاك ضده، فطريق خلاصه كان أسهل مما يتخيل، فالأيادي التي تدفعني لطريق هلاكي كان بإمكاني لا أن أمنعها بل أن أخذلها واقع واقف، ولكننا دوما نقوم برد الفعل المراد من المتأمر ولو إستخدمنا عقلنا للحظة لتغير كل شئ
..
للأسف
البعض يماطلون في قبول أمر أصبح واقع ويبحثون عن ما يطمئنهم ولو كان زائف، واقع
تغييره عبث وربحه بالتعامل معه لا بإنكاره. وذلك ليس فقط لحقيقة أن الجيش مسيطر
واقعيا على زمام الأمور، فهو ما كان ليتحرك إلا بعد أن يكون قد أخذ تمام السيطرة،
ولكن أيضا لحقيقة- وهي الأهم- أن غالبية الشعب – ومن ضمنهم من قام فعلا بالتصويت
له في الإنتخابات- لا يريد لمرسي الإستمرار وخرج من أجل هذا. ولكن هذه هي الحقيقة
التي رفض الأعتراف بها أو حتى رؤيتها، ولو كانوا تعاملوا معها بعقل وحكمة لتغيرت
أشياء كثيرة ولأنقلب الوضع كله لصالحهم.
لن يعلم
الإخوان مدى المرار الذي عانيناه، نحن من لم نصف إخواني بكلمة ( خروف) ومن لم نصف
شيخ- رغم تعارضنا التام معه- بتاجر دين أو بالــ(حمار). لن تعلموا مدى مرارتنا
ونحن نرى من هم المفروض يرتدون ثوب الإسلام يتخبطون حتى في أبسط الأشياء، وهم
يسيؤون لنظرية الحكم في الإسلام ونحن نراهم يقدمون ما يمكن ان تكون عليه أسوأ طرق
الإدارة السياسية والمجتمعية، وهم يكابرون ويخطؤون أخطاء فادحة أنكروها ولم
يعترفوا بها حينها وجاء الإعتراف بها متأخر جدا وهو ما يعني أنه دون جدوى للعجز
الواضح ولحقيقة أن الإعتراف هنا كان من أجل إستخدامه كطوق نجاة لا كخطوة إصلاح،
وهم يستغلون الدين كأداة للصراع وليس كمظلة للصراع.
لن
تعرفوا الكثير مما تسبب في مرار قلوبنا وعقولنا وأرواحنا، لأنكم ظننتم أنكم وحدكم
من يهمه الأمر لظنكم أنكم الأفضل والأقوم والأسمى والأصلح والبقية لا تمثل فارق!
..
السؤال الذي يطرح نفسه الأن هو، هل سنمضي قدما؟ وكيف؟
هذه الفترة ستكون من أصعب الفترات في تاريخ مصر، لأن الإنقسام في الشارع لا يمكن لأحد أن ينكره، وليس هناك بادرة حتى الأن تبشر بوحدة والتفاف وطني. فهذه فترة(حلاوة الروح) تلك الفترة التي تتخشب وتتزلط وتتحجر فيها العقول عن التراجع، لا لأسباب منطقية ولكن مكابرة. مكابرة تؤهل أرواحنا للكره، وتؤهل عقولنا لتقبل الحماقة على أنها حكمة والتهور على أنه شجاعة، وتؤهلها لتقبل الكذب وإعادة ترويجة دون مراجعة.
البعض يرى قرار غلق القنوات التابعة للإخوان جريمة، وأنا أراه كذلك. وإن كنت أظن أن القيام بفعل مثل هذا غرضه تهدأة الأمور، لأن المتوقع أن الإخوان لن يتقبلوا الأمر بسهولة، وعليه فربما إعتام المشهد وإخراسه قد يأتي بنتيجة مفيدة لفض الأوضاع المتشابكة والمتدهورة.
وإن كان المشهد لم-وربما لن- يخلوا من نشر الأكاذيب وترويجها.
وكذلك إنتقد البعض بشدة موقف شيخ الأزهر. وإن كنت أنا نفسي أراه إنقاذ لصورة الإسلام، فلو كان ابتعد عن المشهد أو صمت لكان هذا تصريح رسمي منه بقبول إسالة الدماء بإسم الدين والشرعية التي قال مرسي أنها هي سبيل الحفاظ على الشرعية!، فجاء موقف شيخ الأزهر بالحضور والتحاور لا ليشارك في الإطاحة بمرسي ولكن لحفظ صورة الإسلام من التشوهات التي ألحقها بها الإخوان، وليساهم في حقن دماء المصريين.
وأتمنى
في غمرة فرحتنا أن لا نترك الساحة وأن لا نبتعد عن التفاعل بإيجابية في صنع
المرحلة المقبلة حتى لا نفاجأ بأن الفرحة تمت سرقتها وصُنع منها وليمة لأناس غيرنا،
خاصة أن معظم الأمور لا تزال مبهمة رغم كل شئ.
نتمنى أن نحتضن بعضنا البعض وأن نوقن أن دمنا واحد وجرحنا واحد مهما صنفنا بعضنا البعض، فنحن جميعا مجمل جسد هذا الوطن، شئنا هذا أم أبينا.
..
اللهم أصلح أحوالنا، وأرنا الحق حقا وأرزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطل وأرزقنا إجتنابه.
اخى العزيز
ردحذفتعزف بكلماتك على اوتار قلوبنا الحزينه فأنا ارى موضوعك هو الجزء المكمل لموضوعى " استيقظت من الحلم على كابوس " فيما يخص الاخوان واتفق معك فيما كتبته ولا يسعنى الا التأمين على دعائك . اللهم امين