الخميس، يونيو 21، 2012

أنا الحرامي !



متعة مبرحة أن تستمع للأكاذيب و أنت تعرف الحقيقة كاملة !!
..
  لم يكن محمد و سعد يتوقعان أن خوفهما قد يتسبب في كل هذا،فلو أنهما تشجعا- و هما الشابين في الصف الأول الثانوي!!- و لم يخافا من ذلك العفريت مستطيل الهيئة الذي ظهر لهم فجأة وسط الظلام الحالك متحركا ببطء مميت كأنما يخدعهم ليباغتهم و قد وصل لوجوههم في ثانية،و أكملا  طريقهما و تجاوزا منزل سعيد أبو مجاهد و وصلا لبيت صديقهما سمير الواقع في طرف القرية ليوقظاه لصلاة الفجر ليبدأوا من بعدها مذاكرة جماعية لما كان حدث كل هذا !!،و لكن و الحق يقال فأن هذا أمتعهم !!

       في ذلك الصباح المشمس الجميل من شهر مايو،حيث يختلط الربيع بالصيف منتجا جو بديع،خرج محمد و سعد كلا منهما من بيته و التقيا في الشارع على غير إتفاق بعد ما حدث لهما الليلة الماضية و تفرقا كلا منهما الي بيته جريا..و بدون صلاة فجر!!،أرادا أن يقصا ما حدث لها حتى لو ضحك الجميع عليهم، فكتم السر أشبة بكتم النفس،مميت !! ،و أحيانا شغفك أن تحكي قد يكون أضعاف فضولك لأن تسمع، و لكنهما لما يتكلما فقد كان لابد أن يستمعا فما يقوله الناس كثير، فقد  سرى خبر خطير جدا بين أهل القرية،خاصة و هي قرية آمنة لم يحدث فيها شئ مثل هذا من قبل،أو ربما حدث و لكن من زمن سحيق، في قصص من كثرة سردها بإضافات جديد كل مرة نسوا نصها الأصلي،و بعد سريان هذا الخبر بدأ الجميع يستعرض ما سيفعله ليتلاشي حدوث مثل هذا لاحقا..
     فمنهم من قال أنه لن يترك الحمارة بايتة برة في الخلاء أمام المنزل كما أعتاد و أنه لابد و أن يبيتها من هنا و رايح في وسط الدار..ولا حتى يربطها في رجل السرير كي لو قدر الله و حدث أي شئ يشعر به سريعا و يتدارك الأمر!!,و أخر أقسم أنه سينام في الزريبة وسط المعيز،فهذه العنزات هي كل ثروته و ما يملك !!
أما حسيبة -و هي أرملة عجوز تعيش وحيدة في غرفة صغيرة تحوطها بسور من البوص- فقد أقسمت أنها لن تقوم بتبييت الفراخ إلا تحت السرير،فديكها الأزرق -الذي تزين جناحيه بقطع صغيرة ملونة من القماش كي لا يتوه في ديوك الجيران،رغم أن أول جار يبعد عنها ما لا يقل عن مائة متر و هو رجل وحيد عجوز و ليس عنده فراخ من الأساس!!- لو تم سرقته هتروح فيها !!

     ربما كان محمد و سعد في مقدورهما أن ينهيا كل شئ بكلمات قليلة منهم، و لكن فرضية تكذيبهم مطروحة فالناس لا احب أن تنهي الاحداث الهامة و المثيرة بسرعة، فقد كان الخبر الذي أثار كل هذا الذعر هو أن لصوص كانوا سيقومون بسرقة دار سعيد أبو مجاهد الليلة دي الفجر لولا أنهم فروا هاربين بعد أنفزعوا من شخطة رجب أبو اسماعيل الذي ما أن رءاهم حتى شخط قائلا : مين هناك !!
ففزع اللصوص و جروا هاربين !!
..رجب أبو اسماعيل !! عشان كدة كان ماشي براحته و شكله مستطيل !!
قال محمد هذه العبارة لصديقه سعد بعد أن إكتشفا أمر العفريت
- رد سعد : ما أنت عارف انه مريض بالكبد و بيمشي بالعافية،و هو طويل صحيح بس يا عيني المرض هده،عشان كدة بيمشي محني و براحتة
- رد محمد في سخرية : لأ و أية شخط خوف الحرامية !! دا بيتكلم بالعافية !! و بعدين انت سمعته نطق أصلا ؟!
- رد سعد ضاحكا : يالا ما يجراش حاجة سيبه يفرح له يومين
رد محمد : بس كدة ينفع يعني ؟ نبقى حرامية ؟!!
- رد سعد ضاحكا : و ماله،دا الحرامية أجدع ناس !!
..ثم أكمل : تعالى تعالى، أهو هناك أهه و الناس حوالية و لا شاعر الربابة و بيحكوا الحكاية
..تلك الحكاية التي بكل تأكيد قد حُكيت مئات المرات منذ الصباح،إقتربا من الجمع و بدأوا يستمعوا للحكاية..
قال رجب أبو أسماعيل : و أول ما شخطت و قلت بصوت عالي مين هنااااك جروا كلهم، كان في واحد فيهم بيفتح باب الدار و التاني كان بيفك الحمارة !!
قالت أم ابراهيم : (رغم ان دارها تبعد عن موقع الجريمة قرابة كيلو متر) تصدق يا أخويا أنا برضة سمعت الصوت بس قلت يمكن بيتهيألي !!
و تبعتها أم السعد فقالت : 
ياه تصدق برضة أنا شفتهم !! أصلي سمعت حس عند الفراخ و طلعت أبص فشفتهم بيجروا..بس كانوا خمسة يا أبو عصام،أصلي عدتهم إنت يمكن كنت بعيد عنهم أو ما شفتش كويس في الضلمة !!
و يرد رجب : يمكن و الله يا أم فوزي أصل الدنيا كانت ضلمة !!
...لم يتمالك محمد نفسه أمام كل هذا،فهذا كثير..كثير جدا !!،و كاد أن يتكلم لولا أن أخرسه صديقه سعد بقوله : سيبنا نتسلى شوية،مش كفاية ذل الامتحانات اللي إحنا فيه !!
و يرد محمد : مش قادر !! مش قادر يا سعد !!،نفسي أوقف كل ده و أصرخ فيهم :
أنا الحرامي يا ولاد الكدابة !!!

هناك 16 تعليقًا:

  1. رد محمد : بس كدة ينفع يعني ؟ نبقى حرامية ؟!!
    - رد سعد ضاحكا : و ماله،دا الحرامية أجدع ناس !!

    الحته دي ضحكتني أووووووووووووى

    القصة حلوة اوى ولذيذه مستنيه جديدك

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك على مرورك و على تعليقك،و يارب الجديد يعجبك.

      حذف
  2. فكرة جميلة جدا
    ما شاء الله على حضرتك دايما بتعرف تلقى الضوء على الحقيقة والواقع بس بطريقة جميلة ومضحكة

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك على مرورك و على تعليقك اللطيف،و أتمنى ان تنال أعمالي دوما اعجابك.

      حذف
  3. فعلا ده اكبر عيوبنا علشان تدور على الحقيقة كأنك بتدور على خيط دخان اتلاشى في الهواء و اختفى و كل واحد يطلع بوجهة نظره عن اللي حصل باعتبار انه حقيقة واقعة
    تحياتي و تقبل مروري الأول هنا

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك أستاذ مصطفى على مرورك الذي أسعدني و شرفني و اتمنى ان لا ينقطع،و على تعليقك البناء..شكري و تحياتي

      حذف
  4. واقعة ذات مغزى

    كلنا بنبني نظريات على تهيؤات

    موفق أخي احمد

    تحيتي

    ردحذف
    الردود
    1. أشكر أستاذة زينة على مروك الذي أسعدني و على تعليقك الجميل،و الأسوأ أننا قد نتبع هذه النطريات !
      ..تحياتي

      حذف
  5. رائعه كلماتك اخى ورائعه مدونتك الجميله
    استمتعت هنا اليوم سعيد بتواجدى هنا
    تحياتى ابوداود

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك أستاذ محمد،سعدت جدا و تشرفت بمرورك و تعليقك..تحياتي

      حذف
  6. جميلة جدا :) و دمها خفيف :)

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك،سعدت و تشرفت بمرورك و تعليقك..تحياتي

      حذف
  7. رائعة جداااااا واسلوبها اكثر من رائع

    تحياتى لك

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك،سعدت و تشرفت بمرورك و تعليقك.

      حذف
  8. فى ناس كدة تكدب الكدبة وتصدقها
    ومعاها يكبر الموضوع
    وممكن يكون خارج
    اللى حصل بالواقع


    قصة رائعة

    تسلم ايدك

    وسعيد بمعرفة مدونتك الجميلة

    مع خالص تحياتى

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك جدا أستاذ تامر،سعدت و تشرفت بمرورك و بتعليقك البناء..تحياتي

      حذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول