الاثنين، يونيو 18، 2012

بالرفاء و البنين

     خروجا على ما يشغل الشارع المصري بأكمله،و هو حديث الانتخابات و الأعلان الدستوري المكمل،و حل البرلمان،و اسقاط حكم العسكر،و براءة نظام مبارك و كل الحواديت دي،هنتكلم عن شئ أهم من كل ده، ألا و هو الجواز !!!
    بس أكيد هتلاقوا في الكلام عن الجواز ما ينطبق بحذافيره على أمور أخرى كثيرة مما تشغل بال كل مصري.

الجواز أسطورة,لكن انت هتتجوز عشان أخترت تتجوز و لا عشان أحتجت تتجوز؟
   
        تخيل انك سائر في صحراء قاحلة و ستموت من شدة العطش,و فجأة تجد أمامك كوب ماء لكن للأسف هذا الماء به سم,فماذا تختار؟هل ستختار أن تموت عطشاً محبذا عدم تجربة عذاب التسمم مفضلا الموت عطشاً, أم ستروي ظمأك و تموت من التسمم؟!
     العطش حاجة و رغبة لا يشبعها الا الارتواء و مرحلة العزوبية هي أشبه بفترة عطش-البعض يراها راحة!!-للتواجد مع شخص تحبه و لتكوين اسرة و للاستقلالية..الخ و لكن كوب الماء هذا(الزواج)الذي سيروي عطشك به سم,فهل ستشرب أم ستموت بعطشك؟ا..الأكيد أنك في الحالتين ستموت!
       
         الـــــزواج..الزواج لا هو زي البطيخة و لا هو زي الشمامة,الزواج كما اراه هو أسطورة,سمعنا منها أشكال و ألوان و ربما شاركنا في بعضها,لكن كما يقال من سمع أو رأى ليس كمن جرب و عاش,و دوما نحب-ويجب-أن نجرب و أن تكون لنا أسطورتنا الخاصة بغض النظر هل ستكون مثيرة أم مملة سعيدة أم حزينة ممتعة أم موجعة فاشلة أم ناجحة وان كان أغلبنا يتمنى لها ان تكون مثيرة و سعيدة و ممتعة و يتمنى لها النجاح و الإستمرار وان كان قليلون من يعملون بإخلاص من أجل ذلك!!
      و لا تكمن أسطورة الزواج في ذاتيته وحدها,أي من كونه يجمع بين شخصين في بيت واحد و فراش واحد و حياة واحدة و ربما كيان واحد وهما في أغلب الحالات لم يعرف او يرى احدهما الاخر الا منذ أيام أو شهور قلائل,و يقارب بين الذكر و الأنثى في ساعات-على الأقل جسديا-بما لا يمكن لأم أن تقاربه مع ابنها-و ربما ابنتها- وما لا يمكن لأب أن يقاربه من أبنته-أو أبنه-مع أنهم عاشا سويا عشرات السنين!!و لا في كونه ميلاد للرجل و المرأة من جديد من حيث انه يصنع لهم حياة مغايرة بشكل جزئي او كلي لحياتهم قبل الزواج,بل تكمن أسطورة الزواج أيضا في أشياء أخرى منها مثلا,إهتمام السماء به فنجد أن التشريعات الربانية أهتمت بوضع قوانين و أصول و قواعد له في حالة الارتباط او الانفصال أو التصالح..الخ مثلها مثل قواعد العبادات إذا نقص منها شرط بطلت,و نجد أيضا الاهتمام الفظيع من البشر به ليس فقط في نقطة ان مراسمة و الاحتفال به يجب ان تكون مشاهدة و مسموعة من الجميع و ان يحكي و يتحاكى الكل عنها,وأن تضاء الأنوار و تعاف الزينات و تقام الولائم و ما الى ذلك و فقط,بل أيضا انك عندما تقابل صديق او زميل قديم و لم تلتقيا منذ الطفولة مثلا يكون اول أسئلته: انت اتجوزت و لا لسة ؟!!
     أسطورة لأهتمام الفلاسفة به والأديان و العظماء و الادباء فقد اهتموا بالزواج اهتمامهم بالانسان نفسه مع ان الزواج هو فعل يقوم به الانسان أو ان صح هو فعل يحياه و يعيشه الانسان و يحدد و يشكل شكل حياته,و ربما هو مصدر الاهتمام به, فنادرا أن تجد فيلسوف أو أديب و لم يكتب أو لم يتكلم عن الزواج أو ألف فيه كتب او قصائد محبذة او نابذة,فمنهم من أقره ومنهم من رفضه و سخر منه, و الله وحده يعلم أهذا القبول او الرفض يرجع لطبيعتهم و فكرهم أم لعيب أو نقص فيهم !!
     أسطورة لأنه لابد أن يذكر في البطاقة و الاستمارات الرسمية,متزوج,أعزب,أرمل, مطلق,أي لابد أن تبين ما هي علاقتك بهذا المدعو زواج!!
   

        اذا كان هذا هو الزواج,اذاً لماذا نتزوج؟ و كيف نتزوج؟ ولماذا نقدم على الزواج؟أبرعبة حرة وأختيار,أم بأحتياج أو أذعان؟ ام عن خوف من الدنيا و الزمن؟ هل ستتزوج لأنك اخترت ان تتزوج ام ستتزوج لأنك احتجت ان تتزوج؟!

      أتذكر عنوان أول درس في كتاب اللغة الانجليزية للصف الأول الثانوي ربما في اواخر التسعينيات,كان تحت عنوان Great events أي أحداث هامة, و قد رأى ان أهم ما قد يحدث للإنسان هي ثلاثة أحداث,الميلاد,الزواج,و الموت,أثنان منهم لا خيار للإنسان فيهما و هما الميلاد و الممات,و واحد بأختيار الانسان و بحريته و هو الزواج,لكن هل ينطبق هذا الكلام في كل العالم عموما و في مصر تحديدا؟ -طبعا ليس بخصوص الميلاد و الممات ولكن بخصوص الزواج!-,هل فعلاً كل من تزوجوا و كل من سيتزوجوا كانوا أحرار و كان لهم حق الاختيار في أن يتزوجوا و ان يختاروا شريك حياتهم؟ لا أظن و لا أعتقد !!قد يتبادر في ذهن البعض الأن بعد ذكر كلمة غصب ذلك المشهد المألوف في الافلام العربي عندما يقف الولد امام أبيه و هو ينظر في الأرض و يقول له ابوه :بقى مش عاوز تتجوزها؟ مش شايف ثروتها قد إية؟ هي شكلها وحش؟ و يحاول الأبن ان يشرح موقفه قائلا:بس يل بابا انا ما بحبهاش!! و ينفجر الأب: حب إية يا ولد و مسخرة إية؟!! هتتجوزها يعني هتتجوزها و رجلك فوق رقبتك!! و يخرج الأبن مسرعا بينما يتمتم ابوه : جيل أخر زمن!! أو ذلك المشهد عندما يذهب لأبنته في غرفتها و يقول لها بحزم : هتتجوزيه يعني هتتجوزيه برضاكي او غصب عنك !! و يخرج صافعا  وراءه باب الحجرة بينما ترتمي الأبنة على السرير دافنة و جهها في المخدة منفجرة في البكاء و النحيب..
   لا فالموضوع أوسع و أشمل من هذا بكثير,فالغصب في الزواج أشكاله أكثر بكثير و كلها واضحة جلية و لكن لا نستطيع أن نراها أو لا نريد أن نراها حتى لو خزقت أعيننا !!
  هل مثلاً من تتزوج بمنطق ( ضل راجل و لا ضل حيطة ) أو اخرى بمنطق ( دا هيستتني و يهنيني و يغطيني بالفلوس ),هل زواجهم بأختيارهم أم هو أذعان لفكرة الخوف من العنوسة و البقاء كالبيت الوقف و غيرها من الأختراعات التي أفرزها مجتمعنا و خصصها لوصف من لم تتزوج, أو فكرة شراء الراحة بالسعادة ايمانا بفكرة أن المال ان لم يصنع السعادة فهو قد يوفر الراحة, مثل هؤلاء مثل صاحبنا الذي يتزوج بمنطق ( أهي حاجة تبعدنا عن الحرام ) أو اخر بمنطق ( عشان الاقي هدمتي مغسولة و اكلي واضب و فرشتي نضيفة ) هل هؤلاء كان زواجهم باختيارهم؟ ام برغبتهم في اشباع شهواتهم بطريقة آمنة و البحث عن الراحة بالزواج من واحدة و تشغيلها خدامة !!,ان الزواج في مثل هذه الحالات و غيرها كثير أقرب الى تجارة الرقيق او الاغتصاب الشرعي او الزواج اللاأخلاقي,قد يرى البعض ان هذا لا يحدث الا بين الفئات الفقيرة أو متدنية مستوى التعليم و لكن في الحقيقة أن كل فئة في المجتمع لها أستايلها الخاص و ان أختلفت الاسباب في النهاية النتيجة واحدة,فكل هؤلاء لم يختاروا ان يتزوجوا بل احتاجوا ان يتزوجوا,فـأختيارك أن تتزوج شئ و أحتياجك أم تتزوج شئ أخر,فأختيارك أن تتزوج ليس له بديل أما أحتياجك أن تتزوج فبدائله كثيرة و لكنها قد لا تتفق مع دينك أو مجتمعك فلا تجد امامك إلا أن تفعلها في نطاق الزواج..فتتزوج !!
    
       اما الزواج بالاختيار و بشكل مختصر هو البحث عن انسان و قبوله بالعقل و العاطفة !!!
...اللي عمل كدة يرفع صباعه !!
.....
Nothing as lonely as sleeping next to someone you don't love
..أقسى شعور بالوحدة هو ما تعيشه و انت نائم بجوار شخص لا تحبه
  يمكن دي واحدة من جمل كتير علقت في ذاكرتي و انا أقرأ رواية the boy next door للكاتب Jose Lloyd،اذا كان هذا ينطبق على زوجين نسيا وضع الحب في قائمة مؤهلات ارتباطهم،فهناك أشياء كثيرة في أيامنا خارج نطاق الزواج ينطبق عليها نفس الوصف،فإن لم يكن شعور وحدة فلربما يكون شعور حزن أو ضيق أو ملل أو انكسار..و لكن ما يخفف هذا الشعور أحيانا هو أن كثيرين غيرك يتشاركونه معك. 
...
بالرفاء و البنين.

هناك 5 تعليقات:

  1. شوف يا احمد انا راي قاطع في موضوع الجواز ده
    انه لو مفيش حب يبقي الجواز مالوش لازمة ومش معني الحب زي الافم والكلام ده
    لا
    علي الاقل نوع من الود المتبادل والتفاهم والاستقلالية ومش الدكتاتورية اللي شغالة اليومين دول
    ومش ممكن ابداا اني اسيب استقلاليتي ولا طموحي ده يكون بيحلم طبعا بالعكس لازم يساعدني واساعده عشان نحقق احلامنا مع بعض احلامه واحلامي واحلامنا

    ردحذف
  2. علاقات البشر كلها اسطوره سعتم بها الناس والاديان ولكن قد يكون الحديث عن الزواج اكبر من اى حديث لانه فى حد ذاته مسئوليه لان بسببها بتخرج اجيال ام ان تكون مسئول عنهم وتعتنى بهم وتكون اد المسئوليه اما تحدث كارثه وبالنسبه للطريقه حب ولا عقل ولا غصب فى نتيجه عن الشخص والتعاسه او الهناء ناتج عن اختيار الشخص السليم لشريك عمره اما عن الوحده فى اقسى شعور وايضا ناتج عن اختياره السليم او غير السليم

    ردحذف
  3. أشكرك حوبة على تعليقك و رأيك الجميل,و الاكيد انها فعلا علاقة تكامل و ليست علاقة تنافر أو تسيد و صراع على السلطة.

    ردحذف
  4. شكرا جزيلا أستاذ عمرو على مرورك و على رأيك البناء،و أشكرك أنك أضفت نقطة غابت عني رغم انها هامة جدل، فأنا ربما ركزت على حياة الشخصين و هل سيكونا سعيدان أم تعيسان و أهملت نتيجة ذلك على أبناءها و الذين بالتأكيد سيتأثروا بكل هذا..كل الشكر

    ردحذف
  5. هو موضوع كبير أوي يعني و معقد
    فأنا مثلا ببص في كل عيلتي نصها مطلقين
    و مبارح كنت في قعدة حلوة هي مش حلوة أوي يعني مع أمي و عماتي
    كلهم مش راضيين لا عن أزواجهم و خصوصا بقى عن أولادهم
    فكنت بسأل نفسي إيه القرف دة ؟ أتجوز أنا عشان بعد عشرين سنة أبقى كدة؟
    لا يا سيدي بلاش
    بس دة غلط أوي مشهقولك اخد فرصتي لكن احلل فرصتهم
    انا اقتنعت بعد كدة ـ بعد التحليل ـ باللي انت قلته فوق يعني اختيار بعقل و عواطف و دة صعب شوية
    لكن الاصعب اني انام في حافة السرير خايفة اقع عشان مش طايقة البشر اللي جنبي
    ربنا يجوزك بقى بالمناسبة ـ إن مكنتش متجوز ـ :D

    سلامي

    ردحذف

فضفض و قول اللي في ضميرك
مشتاق صديقك لأي قول